حياة سهلة دون تعقيدات، علاقات تبدأ بموافقة الطرفين وتنتهي بموافقة طرف واحد، هذا واقع الطلاق الشفهي في مصر. وإليك المزيد، حال النساء في مصر في مسألة الطلاق يطرح العديد من الأسئلة حول نظرة القانون لهن، ونظرة الشرع وآراء الفقهاء حول أحقية النساء في حياة كريمة..
على مدار سنين طويلة عانت النساء من الطلاق الشفهي ما بين تهديد وإذلال بالحق المطلق للزوج في الطلاق بمجرد كلمة واستعادتها بكلمة أيضًا، أو توثيق هذا الطلاق أمام المحكمة حتى تنال حريتها، حيث يلقي القانون على عاتقها مسئولية إثبات ما تلفظ به الزوج وما كفل له القانون به، ولم تتخفف تلك المعاناة إلا عند تشريع قانون الخلع سنة 1981 وهو ما يضع النساء على طاولة المساومات حتى تنال حريتها فالتنازل هو الحل.
رفضت المؤسسات الدينية المعنية النصيحة التي وجهت لها بالاجتهاد في قضية الطلاق الشفهي، الذي يؤدي إلى إهدار حقوق الزوجات، وإلى مشكلات اجتماعية لا حصر لها على الرغم من اختلاف آراء الفقهاء حول هذه القضية، إلا أن المؤسسات الدينية في مصر متمسكة بالطلاق الشفهي كحق مطلق للرجل ولا يمكن المساس به.
حسب سكاي نيوز عربية صرح سعد الدين الهلالي بضرورة الوعي بأن كثيرا من الآراء الفقهية المختلفة المطروحة على الساحة كل، فقيه "يعبر بها عن رأيه الشخصي، وليس هو رأي الدين"، كما أكد أن الطلاق يجب أن يكون على شاكلة الزواج؛ فكما أنه من شروط الزواج شرعيًا وجود عقد ومأذون وشهود، ويوثق بشكل رسمي، فكذلك الطلاق، حتى يصح العقد وبشكل موثق وحتى يتم إلغاء الشهادة الرسمية للزواج، ووقوع الطلاق للمتزوجين رسميًا بشكل شفهي لا يتفق مع المنطق ولا العقل ولا الشرع، أي أنه "لا طلاق إلا بالتوثيق كالزواج".
كما وضح د. سعد الدين الهلالي أن من المنطقي أن يتم حل أي عقد بتوثيقه كما تم الاتفاق عليه، وكذلك عقد الزواج ومن العجيب تعنت المؤسسات المعنية بذلك ورفض أي حلول تحمي فيها النساء حقها في حل العقد بشكل موثق ويحميها من ابتزاز بعض الرجال، وتضييع الوقت في ساحات محاكم الأسرة للمطالبة بحقها في توثيق هذا الطلاق أو المطالبة بالطلاق من جديد وكأن الطلاق الأول لم يقع.. هذا التناقض بين الإصرار على حق الطلاق الشفهي للرجل وعناء النساء في إثباته يعكس رؤية المسئولين عن الفتاوى لحياة النساء وحقوقهن.
ناقش مسلسل لعبة نيوتن هذه القضية منذ عدة سنوات وجسد هذا العبث في مشهد الزوج الذي طلق زوجته على الواتس آب، يجلس مع شيخه يستشيره في حكم الطلاق إذا كان وقع أم لا، ويسأله الشيخ بمنتهى العبثية عن نيته إذا كان قاصد الطلاق فعلا أم في لحظة غضب، ما حدث من فوضى عارمة في حياة سيدة طلقها زوجها شفهيًا ثم تصرفت بناءً على ذلك بعد أن انتهت عدتها اختارت أن تتزوج ثم يأتي زوجها ينفي الطلاق الشفهي بفتوى شيخه وعدم اعتراف القانون به رغم شرعيته لتقف أما القانون مذنبة و متزوجة من رجلين!، وضح صناع العمل أن هذه الفوضى تكمن في استخدام حق الطلاق الشفهي "عمال على بطال" والرجوع عنه بكل سهولة بحكم فتوى من شيخ الزاوية، وعدم اعتراف القانون به لأنه غير موثق أي في حكم القانون هذه السيدة تحتاج لأن تثبت وقوع طلاق شرعي ينكره الزوج.
"مواطن درجة ثانية" وهكذا يميز القانون والآراء الفقهية بين مواطني الدولة، يكفلان امتيازات للرجل وحمايته على عكس النساء التي لا تجد إلا تعنت واستهتار بمعاناتها، لُيطرح دوما السؤال الأهم: أين رجال القانون والدين من معاناة النساء اليومية في ساحات المحاكم، وخلف جدران المنازل، وكيف وفر القانون حماية لهن من العنف المنزلي عند طلب الطلاق في حال رغبتها أو في التوثيق في حال استخدام الرجل حق الطلاق الشفوي، أين هم من حياتهن الصعبة التي لا تشبه حياة الرجال؟، من حقه أن ينهي كل شيء بكلمة واحدة وأن يبدأ من جديد في غضون ساعات غير مهتم بمصير زوجته السابقة لأنه يعلم جيدًا أن القانون سيحمي امتيازاته في غيابه ويكفل له الحق في استعادته وقتما شاء بل إنكار وقوع الطلاق من أساسه.
ستظل تلك المعاناة مستمرة حتى يرى المجتمع والقانون ورجال الدين النساء على خريطة أولوياتهم، حتى تحصل النساء على حقوقهن المسلوبة وتستعيد حيواتهن التي تسرق بين الجري في المحاكم وتجارب العنف.