البريكس.. النشأة والتطور

تشكلت مجموعة البريكس الاقتصادية كتحالف اقتصادي بين خمس دول ناشئة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. يتميز هذا التكتل بتنوعه الاقتصادي وثقافاته المختلفة، وقد استطاع أن يصبح قوة اقتصادية قوية ومؤثرة في الساحة العالمية.

وكانت قد تأسست مجموعة البريكس في عام 2009، وتهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين أعضائها، وتعزيز صوتها في الشؤون الدولية وتعزيز التنمية المستدامة والشاملة في دولها الأعضاء. يعود نجاح هذا التكتل إلى عوامل عدة تميزه وتميز أعضائه.

وأهم العوامل الرئيسية التي تميز مجموعة البريكس هو حجم اقتصادات أعضائها. فالبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا تعد من أكبر الاقتصادات في العالم، وتتميز بموارد ضخمة وسوق داخلية كبيرة. هذا يوفر لهم فرصًا هائلة للتجارة والاستثمار المشترك، ويعزز قدرتهم على التفاوض بقوة في المحافل الدولية.

وبالإضافة إلى حجمها الاقتصادي، تتميز مجموعة البريكس بتنوعها الاقتصادي. فالدول الأعضاء تمتلك مجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية، مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا والخدمات. هذا يعزز فرص التعاون والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء، ويعزز استفادتها المتبادلة من الموارد والخبرات المختلفة.

كما تعتبر التجارة الدولية أحد الركائز الأساسية لمجموعة البريكس. فقد تم التركيز على زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، وتسهيل التجارة وتذليل العقبات البينية. وقد تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الأعضاء في عام 2010، وهو ما ساهم في زيادة حجم التجارة بينها بشكل كبير.

وإلى جانب التجارة، تهدف مجموعة البريكس أيضًا إلى تعزيز التعاون في مجال الاستثمارات والتنمية الاقتصادية. فالدول الأعضاءتعمل على تعزيز الاستثمارات المشتركة في مجالات مثل البنية التحتية، والطاقة، والتكنولوجيا، والزراعة، والصناعة. وقد تم إنشاء بنك التنمية لمجموعة البريكس في عام 2014، وهو يعمل على تمويل المشاريع الاستثمارية في الدول الأعضاء وتعزيز التنمية المستدامة.

ومن الجوانب الأخرى التي تميز مجموعة البريكس، هي التعاون في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار. فالدول الأعضاء تعمل على تبادل المعرفة والخبرات في هذه المجالات، وتعزيز التعاون في مجال البحث والتطوير وتبني التكنولوجيا الحديثة.

فمن خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، تسعى مجموعة البريكس إلى تعزيز التنمية المستدامة في دولها الأعضاء. وتركز على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة، وتخفيض الفقر وتعزيز فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للشعوب في الدول الأعضاء.

إن مجموعة البريكس تعكس تحولًا هامًا في الديناميات الاقتصادية العالمية، حيث أصبحت الدول الناشئة تلعب دورًا أكبر في الاقتصاد العالمي. ومن خلال تعزيز التعاون والتنمية المستدامة، تساهم مجموعة البريكس في تعزيز التوازن الاقتصادي العالمي وتحقيق التنمية الشاملة.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها مجموعة البريكس، مثل التفاوت في قدرات الدول الأعضاء والتوترات الجيوسياسية، إلا أنها تظل قوة اقتصادية مهمة ومؤثرة في العالم. ومع استمرار التعاون والتنسيق بين الأعضاء، يمكن لمجموعة البريكس أن تستمر في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق مصالحها المشتركة وتعزيز دورها في النظام الاقتصادي العالمي.

ونجد أن هناك عدة نماذج ناجحة للتعاون في إطار مجموعة البريكس. ومن أمثلتها:

  1.  صندوق الاحتياطي الاحتياطي للبريكس (BRICS Contingent Reserve Arrangement): يعتبر هذا الصندوق نموذجًا ناجحًا للتعاون المالي بين الدول الأعضاء. يهدف الصندوق إلى توفير استقرار مالي للدول الأعضاء في حالة وقوع أزمات مالية. وقد تم إنشاء الصندوق في عام 2015 وهو يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة وتعزيز الاستقرار المالي للبريكس.
  2. بنك البريكس (New Development Bank – NDB): يعتبر بنك البريكس نموذجًا ناجحًا للتعاون المالي والتنموي بين الدول الأعضاء. تأسس البنك في عام 2014 بهدف توفير التمويل للمشاريع التنموية في الدول الأعضاء. وقد تم توجيه الاستثمارات في العديد من المشاريع البنية التحتية ومشاريع الطاقة المتجددة في الدول الأعضاء، مما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصادات الوطنية.
  3. منتدى البريكس للأعمال (BRICS Business Forum): يعتبر هذا المنتدى نموذجًا ناجحًا للتعاون التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء. يجمع المنتدى رجال الأعمال والمستثمرين من الدول الأعضاء لتعزيز التجارة وتبادل الخبرات وتطوير الشراكات التجارية. يساهم المنتدى في تعزيز الروابط التجارية وتسهيل التجارة بين الدول الأعضاء وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات.

وهذه النماذج الناجحة تبرز قوة التعاون في إطار البريكس وتسهم في تعزيز التنمية والاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول الأعضاء. تعزز هذه النماذج الثقة والتفاهم المتبادل وتشكل أساسًا للتعاون المستقبلي في إطار مجموعة البريكس.

اقرأ أيضاً: “بريكس” تدعو مصر للانضمام للمجموعة.. لماذا وما الاستفادة؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة