مندوب المعايير

منذ أن قامت ثورة يناير وبرزت أهمية منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “الفيس بوك” و”تويتر”، ونحن نتصارع على معايير المجتمع من خلالها وفي بعض الأحيان كانت تنتقل الصراعات إلى أرض الواقع من خلال اشتباكات كانت دامية في بعض الأحيان من أجل اختلافنا على المعايير المجتمعية واستقطاب كل فصيل نحو معايرة وادعاء أنه يكون التيار الرئيسي في تكوين الشعب المصري.

ومع مرور عامي الثورة تفاقم الوضع حتى وصلنا إلى الصدع المجتمعي في الأحداث السابقة لثورة 30 يوليو وما تلاها حتى أن البيت الواحد كان منقسم بين الأشقاء بين مؤيد ومعارض؛ هذا الانقسام نتج عنه تشرذم مجتمعي يسهل رصده بالعين المجردة من خلال أي نقاش مجتمعي على وسائل التواصل الاجتماعي فتجد أن كل شخص يملك معيار خاص به في نطاق النقاش والمعضلة الحقيقة أن كل منهم يتحدث أنه من خلال هذا المعيار هو يتحدث على معيار المجتمع المصري من وجهة نظرة

ولكن أين معايير المجتمع نفسها، فمنذ صعود موجة الدين الوسطي التي قادها الداعية عمرو خالد داخل المجتمع المصري خاصة والعربي عامة ليغير خريطة المعايير مرة أخرى بعد موجة الوهابية التي رغم عنفها كانت محدودة التأثير بعكس موجة الدين الوسطي التي غيرت خريطة المجتمع المصري إلى ظاهرية الدين بغض النظر عن مضمونه فلا مشكله أن اشرب الخمر ولكن لا يصح أن أقبل بشرب الخمر من المهم أن ترتدي الحجاب أيا كان مدى التزامك الديني من الأساس.

كل هذا بالتزامن مع موجات ثورة 25 يناير بداية من كفاية أو حتى اعتصام مارس 2003 والدعوة إلى التحرر التي لم تكن قاصرة على التحرر السياسي فقط بل والاجتماعي والفني والأدبي وظلت دعوات التحرر تناضل وتحاول حتى صدمت على صخرة الهزيمة؛ هُزم الجيل فانهزمت معه حركة تحريره كلها وتركت كل المشاوير في منتصف طريقها لتخرج لنا أنصاف المعايير المشوهة

نجد نقاشات هزلية تشبه تريند مندوب الشحن وهل موقفة يدل على جيل واعد يتقي الله في كل خطواته أم ما فعله يعتبر تعدي على خصوصية العميلة.

ولكن العميلة تحتفي به وتشكره هي ومتابعينها

ونجد تطور الصراع يصل إلى أن العميلة تتراوح التعليقات حولها بين كونها مريضة مزوخية تحتفي بمن اعتدى على خصوصيتها ويقيم ملابسها إلى أن نصل إلى من يتهمها بالتسيب فكيف تتحدث عن الشاب بهذه النبرة وهي ست مسلمة متزوجة وكيف يسمح لها زوجها أن تتحدث بإعجاب عن الشاب بهذه الطريق.

ويتطور الموضوع إلى أن يصل إلى التحفظ في بيع الألعاب الجنسية لغير المتزوجات ودور البواب في حياتنا وتعدينا على البواب لتحدثنا عن تدخله في خصوصيتنا دون أن ننظر إلى شريحته الاجتماعية.

وإذا تابعت أين بدأ الحوار وإلى أين ذهب وكيف تشعب تشعر وكأن حوارات المجتمع أصبحت أشبه بحوارات الحشاشين، حيث تفتقد إلى النظام والتوجيه ومنطقية السرد والسياق.

وفي النهاية يسخر البعض من الحديث عن ازدواجية معايير المجتمع، حيث غياب المعايير نفسها ولكني أجد أن السخرية الحقيقة هي الحديث عن وجود المجتمع من الأساس.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة