استقلال الفتيات.. مسؤولية أم هروب وفرار

هل سعي بعض الفتيات للاستقلال عن أسرهن، سؤال يحتاج إلى تفكير، أم أنه أمر عادي يمر علينا مرور الكرام؟

وهل كل أسرة يمكن أن تتعرض لهذه التجربة مع بناتها، أم أن هناك أسر يحدث فيها هذا وأسر لا؟

وهل الأسر تأخذ هذا الأمر بشكل عادي، أم أنه أمر جلل يٌحدث ثورة كبيرة داخل الأسرة؟

بداية لمن نوجه هذه الأسئلة، للمجتمع أم للأسرة؟

دعونا نبدأ بالأسرة؛ فما هي مواصفات الأسرة التي تستقل عنها فتياتها؟

  • الأسر التي تتحكم في بناتها بشكل مفرط، وتحد من حرياتهن واستقلاليتهن في اختيار ما يريدونه على المستويات كافة.
  • الأسر التي تمارس التمييز ضد الفتيات، كونهن فتيات مما يشعر هؤلاء الفتيات بأنهن أقل قيمة من الأولاد، فنجد مثلا بعض الآباء يعطون الأولوية للأولاد في التعليم أو الرعاية الصحية أو الميراث. هذا النوع من التمييز يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالظلم والحزن والغضب من جانب الفتيات.
  • بعض الأسر تمارس العنف ضد الفتيات، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو اقتصاديا، مما قد يدفع هؤلاء الفتيات إلى التفكير في الاستقلال عن هذه الأسرة لتحيا حياة تشعر فيها بالرضا والسعادة.
  • كذلك كثرة المشكلات بين الأبوين داخل الأسرة دون مراعاة مدى تأثير هذه المشكلات علي باقي من بالأسرة.

وبالتالي ما هي مواصفات الأسرة التي تستقل فيها فتياتها؟

  • الأسر التي تمارس التواصل الجيد مع بناتهن بشكل مفتوح وصادق. يتحدثون معهن عن مشاعرهن وأفكارهن، ويساعدونهن على حل مشاكلهن.
  • الأسر التي تكرس وتثبت فكرة احترام الذات من خلال معاملة بناتهن باحترام وكرامة، ويشجعونهن على أن يكن أنفسهن.
  • الأسر التي تدعم بناتهن في كل ما يفعلونه، ويقفون بجانبهن في الأوقات الصعبة، ويساعدونهم على تحقيق أهدافهن.
  • الأسر التي تحب بناتها بغض النظر عن أي شيء (حب غير مشروط)، حيث يشعرن معه الفتيات بالتقدير والاهتمام والانتماء لهذه الأسرة.
  • الأسر التي تمارس دور المرشد لبناتها وليس دور المتصيد للأخطاء، من خلال مساعدتهن على تقوية نقاط القوة لديهم وإصلاح نقاط الضعف لتساعدهن على اتخاذ قرارات جيدة في حياتهن.
  • الأسر التي ترعي أبنائها دون تمييز بين البنت والولد داخلها، ولكن كل من في الأسرة يستطيع أن يحظى بكل المميزات المتاحة.        

وهنا نعيد السؤال هل سعي بعض الفتيات للاستقلال عن أسرهن، سببه طريقة تعامل الأسرة معهم كفتيات أم يمكن أن يكون له أسباب أخرى مجتمعية؟

تعاني بعض المجتمعات الريفية من البطالة وعدم وجود فرص عمل مرضية للنساء بها، وهذا من شأنه أن يجعل الفتيات يبحثن عن هذه الفرص خارج مجتمعاتهن.

نجد العديد من المجتمعات الريفية والمناطق الشعبية لا تحترم خصوصية الفتيات بها، وتتدخل في أدق التفاصيل في حياتها، وهذا أيضا سبب لضيق الفتيات من مثل هذه المجتمعات.

يوجد أيضا في العديد من المجتمعات الريفية والشعبية ضغط مجتمعي على الأسر لتزويج بناتها مبكراً وحرمانهن من التعليم والاكتفاء فقط بزواج الفتاة ودورها داخل الأسرة.

تنشأ الفتاة في مجتمع لا يدعم عملها ولا يوفر لها فرص مختلفة للتدريب.

فنجد هنا الفتاة ضحية لأسرة غير ناضجة وتمارس العديد من الإساءات على بناتها، ومجتمع يمارس التمييز ضد الفتاة في غالبية الأمور.

وبين هذا وذاك تعيش الفتاة ممزقة بين تحقيق أحلامها وطموحاتها وبين الظروف الأسرية والمجتمعية الصعبة التي تقف عائق أمام تحقيق ما تتمنى.

وفي الختام استقلال الفتاة التي تمت رعايتها داخل أسرة واعية ليس جرما ما دامت تتمتع بالنضج والصلابة النفسية التي اكتسبتها من هذه الأسرة، والنتيجة هنا ستكون فهم واستيعاب من جانب الأسرة التي اعتادت دائما أن تكون الداعم والمرشد والمحب لفتياتها.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة