رحبت عدد من المنظمات والدول العربية، بموافقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على مشروع قرار بشأن الكراهية الدينية، في أعقاب حرق نسخة من المصحف في السويد، تقدمت به باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.
ودعا القرار الذي أثار خلافات في أروقة المجلس مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى نشر تقرير عن الكراهية الدينية، ومطالبة الدول بمراجعة قوانينها وسد الثغرات التي قد “تحول دون مكافحة أعمال الكراهية الدينية، والحض عليها ومحاكمة مرتكبيها”.
من جهته رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بالقرار “الذي يعيد تأكيد المسؤولية التي تقع على جميع الأطراف في التنديد علنًا بالدعوة إلى الكراهية الدينية، بما في ذلك تدنيس الكتب المقدسة وبحث سبل مقاضاة مرتكبيها”.
ووجه أبو الغيط في بيان له دعوة دولية للعمل على مواجهة تصاعد موجات الكراهية بين الشعوب واتباع الديانات المختلفة، من خلال مراجعة بعض قوانينها وسياساتها.
في السياق، رحبت دولة الإمارات باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع القرار، مشدّدة على ضرورة ترسيخ احترام الأديان والتسامح والتعايش السلمي، وهي المبادئ التي تبقى السبيل الأنجح نحو الازدهار والتقدم والعيش المشترك.
وأشادت وزارة الخارجية الإماراتية بالخطوة واعتبرت أنها “تنسجم مع اعتماد مجلس الأمن بالإجماع للقرار المقدّم من الدولة والمملكة المتحدة بشأن “التسامح والسلام والأمن الدوليين” خلال رئاستها الدورية للمجلس في يونيو الماضي والتي تعزز الجهود الدولية عبر اعتماد نهج شامل يعزز التسامح والتعايش السلمي”.
وأكدت الإمارات التزامها بـ”دعم التفاهم المشترك وتعزيز جسور التواصل والحوار بما يساهم في الاستقرار والازدهار إقليميًا ودوليًا، وأنّها تسعى على الدوام إلى تجسيد الأخوة الإنسانية واحترام حرية المعتقد الديني، وستواصل كافة جهودها الداعمة للتسامح والاعتدال، والرافضة لكل الأعمال التي تسعى إلى نشر خطاب الكراهية والتطرف”.
من جانبها رحبت وزارة الخارجية الأردنية بالقرار وأكدت ضرورة التصدي لـ”أفعال الكراهية بكل أشكالها، وخاصة الاعتداءات المتكررة على المصحف الشريف، مشددة على أن التصدي لثقافة الكراهية والتمييز ورفض الآخر هو مسؤولية مشتركة، وضرورة لتكريس ثقافة السلام والقيم الإنسانية المشتركة”.
وختمت الخارجية الأردنية بيانها بالقول: “هذا القرار يعتبر من أهم مخرجات الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على هامش أعمال الدورة الثالثة والخمسين للمجلس يوم الثلاثاء في جنيف، والتي شارك فيها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، وألقى خلالها بيان المملكة الذي أكد على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على سن القوانين التي تجرم الإساءة للرموز والمقدسات الدينية وتمنعها”.
فيما رحب عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع القرار، معتبره انتصارًا دبلوماسيًا للدول الإسلامية في وجه الممارسات المتطرفة والمشينة التي قام بها بعض المتطرفين في عدد من الدول الأوروبية، بحق مقدسات الدين الإسلامي الحنيف، والتي مثلت استفزازًا لمشاعر الملايين من المسلمين حول العالم.
وأكد رئيس البرلمان العربي، على موقف البرلمان العربي الثابت دائمًا نحو تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان المختلفة واحترام حرية المعتقد الديني كأحد أهم أسس حقوق الإنسان التي يقوم عليها التعايش السلمي، لافتًا إلى أن اعتماد مشروع القرار، الذي جاء بعد مطالبة حثيثة من عدد من الدول حول العالم، يأتي تجسيدًا لمبادئ احترام الأديان والثقافات وتعزيزًا للقيم الإنسانية التي يكفلها القانون الدولي.
ودعا العسومي إلى ضرورة العمل الجماعي للبرلمانيين والسياسيين ورجال الدين من أجل التصدي لخطاب الكراهية والتطرف، ونبذ كل أشكاله، ونشر قيم التسامح والتعايش، لاسيما في هذا التوقيت المهم الذي يتطلب منا جميعا العمل سويا من أجل إرساء السلام والاستقرار.
وعارضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي القرار، متعللين بأنه يتعارض مع رؤيتهما لحقوق الإنسان وحرية التعبير. وقالا؛ إن مبادرة منظمة التعاون الإسلامي تهدف إلى حماية الرموز الدينية، وليس حقوق الإنسان.
وأحرق مهاجر عراقي بالسويد نسخة من المصحف أمام مسجد في ستوكهولم شهر يونيه الماضي، مما أثار غضبًا في أنحاء العالم الإسلامي ومطالبات من دول إسلامية بالتحرك.
وصوتت 28 دولة معظمها إسلامية لصالح مشروع القرار الذي تقدمه به باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، في مقابل 12 دولة عارضته أغلبها من دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، في حين امتنعت 7 دول أغلبها من أميركا اللاتينية.
ومن أبرز ما جاء في مشروع القرار إدانة كل عمل متعمد علني يستهدف المقدسات خصوصًا حرق نسخة من القرآن الكريم، كما نص على وجوب اعتماد الدول قوانين وتشريعات لملاحقة من يرتكب أفعالًا تذكي روح العداء للإسلام ولعموم الأديان، وهو ما دفع الدول الغربية لرفض مشروع القرار.
وقد دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الأممَ المتحدة إلى التصويت ضد مشروع القرار، معتبرة أنه يعرض حرية التعبير للخطر. جاء ذلك خلال جلسة خاصة طارئة أقيمت بدعوة من منظمة التعاون الإسلامي في إطار فعاليات الدورة الـ53 العادية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً: انتهاكات وعنف وحقوق ضائعة.. تقرير جديد للعفو الدولية يرصد واقع حقوق الإنسان في مصر