الصراعات القديمة تعود من جديد لتدق طبول الحرب في هذه المنطقة الشائكة بصراعاتها العقائدية والعرقية.
بعد أن عينت سلطات كوسوفو رؤساء بلديات من أصل ألباني في مكاتب البلديات، واختير رؤساء البلديات في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها 3.5% فقط، بعد أن قاطع الصرب، الذين يشكلون الأغلبية في المنطقة، الانتخابات المحلية. قامت قوات الشرطة بالتحرك نحو المباني الرسمية لتسليم نواب البلديات مناصبهم، الأمر الذي أثار غضب الصرب ليدفعهم للخروج في مظاهرات دامية مع قوات الأمن.
الصراع التاريخي :
بالنظر إلى الخريطة الجغرافية للمنطقة، نجد أن جمهورية كوسوفو تقع في منطقة البلقان بأوروبا، تحدها من الجنوب الشرقي جمهورية مقدونيا الشمالية ومن الشمال الشرقي صربيا، والجبل الأسود من الشمال الغربي والبانيا من الجنوب.
أما صربيا فتقع في مفترق الطرق بين وسط وجنوب شرقي أوروبا، وتغطي الجزء الجنوبي من سهل بانونيا والبلقان المركزي. وهي دولة غير ساحلية أو حبيسة وتحدها المجر من الشمال، رومانيا وبلغاريا من الشرق، مقدونيا من الجنوب، وكرواتيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود من الغرب، كما أن لها حدوداً مع ألبانيا عبر كوسوفو هذه المنطقة بالتحديد قام عليها نزاع مسلح بنهاية التسعينات من القرن الماضي حتي أعلن البرلمان في كوسوفو استقلال “جمهورية كوسوفو” وبناء على اتفاقية بروكسل كان على صربيا أن تقوم بتطبيع علاقتها مع كوسوفو، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، وإن تم الاعتراف بها من قبل 97 دولة في الأمم المتحدة، و22 دولة من 27 من دول الاتحاد الأوروبي.
في يوليو من عام 2022، اندلعت الاشتباكات استجابة لقانون جديد يطالب الصرب الذين يعيشون في كوسوفو بتحويل لوحات السيارات الصربية إلى لوحات كوسوفو.
في الوقت ذاته يبقى الانقسام الدولي حول استقلال كوسوفو منطلقاً لمزيد من الصراعات يوماً تلو الآخر.
ففي حين تم الاعتراف بكوسوفو من قبل الولايات المتحدة وعديد من الدول الأوروبية، فإن صربيا إضافة إلى حلفائها الرئيسين، وهما روسيا والصين لا تزال ترفض الاعتراف باستقلالها، بل إن موسكو تحديداً وصفت التقسيم بأنه انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 1244 الذي يعود تاريخه إلى عام 1999 ونهاية حرب كوسوفو.
الصراع يمتد لأكثر من 100 عام بتداخل عرقي وقانوني وعقائدي، حيث نجد أن الصرب داخل كوسوفو أو خارجها يرون أن كوسوفو هي مهدهم الحضاري والديني بجانب الأديرة المسيحية الأرثوذكسية الصربية التي تعود للعصور الوسطي داخل كوسوفو، ويعتبرون ان معركتهم ضد الاحتلال العثماني رمز لنضالهم الوطني.
وعلي الجانب الأخر نجد أن الألبان يعتبرون كوسوفو هي بلدهم، ويتهمون الصرب بالاحتلال، وبالنظر الي التوزيع الديموغرافي لسكان كوسوفو نجد أن ما يقرب من ١٢٠ الف صربي يعيشون بكوسوفو مقابل ١.٧ مليون ألباني .
ردود فعل عالمية :
أعلن حلف شمال الأطلسي نشر قوات اضافية في كوسوفو عقب المواجهات التي أصيب فيها ٣٠ جندي من قوات حفظ السلام. وقال قائد البحرية الأميركية في أوروبا وأفريقيا الأدميرال ستيوارت بي مونش في بيان “يعد نشر قوات إضافية من ’ناتو‘ في كوسوفو إجراء حكيماً لضمان أن تكون لقوات كوسوفو القدرات التي تحتاج إليها للحفاظ على الأمن، وفقاً لتفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، مضيفاً “يجب أن يتوقف العنف”.
وانتقدت واشنطن قرار كوسوفو تنصيب رؤساء بلديات من العرقية الألبانية في شمال البلاد “بوسائل قسرية”.
وحرمت كوسوفو من المشاركة في التدريبات العسكرية الجارية في أوروبا بقيادة الولايات المتحدة
اما عن الرئيس الصربي فقد اعلن عن نشر قواته علي حدود اقليم كوسوفو ووضعها في حالة تأهب كخطوة تصعيدية وطلبت الولايات المتحدة من صربيا سحب قواتها من حدود كوسوفو، وكذلك أن تدعو الحكومة المحتجين للحفاظ على السلام في شمال كوسوفو”.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “ندعو الغرب إلى إنهاء دعايته الكاذبة والتوقف عن إلقاء اللوم في الأحداث في كوسوفو على الصرب المدفوعين باليأس”، مضيفة “يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لخفض التصعيد”.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن “الصرب يقاتلون من أجل حقوقهم في شمال كوسوفو”، موضحاً أن الجيش في حال تأهب و”القرار سيتخذه الرئيس الصربي”
وأثار بطل التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش الجدل بعد فوزه في الدور الأول من بطولة “رولان غاروس” للتنس. حيث كتب على الكاميرا “كوسوفو قلب صربيا. أوقفوا العنف”
وقال ديوكوفيتش (36 سنة) لوسائل إعلام صربية في البطولة إن “كوسوفو مهدنا ومعقلنا ومركز أهم الأشياء لبلدنا”. وتابع “أنا ضد الحرب والعنف والنزاع”، مضيفاً “بالطبع أتعاطف مع الجميع، لكن ما يحدث في كوسوفو هو