نساء العصر قادة الغد.. الجزء الأول

ماذا تريد النساء من الحياة السياسية؟

هل حصلت النساء بالفعل على نسبة مرضية من المشاركة أم أداة استخدام في يد السلطات لإثبات العدالة في الحقوق؟

أزمات ومشكلات التمثيل السياسي للنساء العربيات عمومًا تواجه العديد من المشكلات والتحديات وبشكل خاص في مصر، لأن الدور السياسي بالنسبة لهن هو نتاج لتصور تقليدي ومحافظ لهؤلاء النساء بسبب الأبعاد الثقافية والاجتماعية للمجتمع ذاته بكافة فئاته، سواء من النمط الشعبوي والنمط الديني وأنماط القبائل والعائلات، بجانب استمرار الصراعات المجتمعية حول أهلية النساء وعدم قدرتهن على الأهلية والولاية العامة رغم محاولات التجديد التي تقوم بها مؤسسة الأزهر في توضيح ذلك النمط الثقافي والمفاهيم المغلوطة، بجانب أنهم يرون أنها سبب رئيسي في زيادة نسب البطالة في المجتمع وتدهور أحوال المجتمع الأخلاقية، فبكل السبل الثقافية المجتمعية تأثرت بخليط متنوع من الثقافات والسلطات التي كانت النساء أحد أدواتها في السيطرة علي الشعوب.

مشاركة النساء في الحياة السياسية مرهون بظروف وسمات المجتمع وبنسب متفاوتة بقدر ما تتمتع به هذه المجتمعات من حرية وديمقراطية سياسية ومجتمعية، على الرغم من تحقيق عدد ملائم من المكاسب السياسية في الآونة الأخيرة في ظل ظروف مجتمعية وثقافية تتبنى عددًا من أنماط القيود المجتمعية على النساء في كافة نواحي الحياة الخاصة والعامة. وبالرغم من محاولات تجديد الخطابات المجتمعية والدينية وتصحيح المفاهيم المغلوطة والتي سيطرت على مجتمعاتنا العربية لعقود زمنية طويلة، مازال يوجد عدد هائل من التحديات والمعوقات التي تؤخر مشاركة النساء السياسية، والنظر لمشاركتهن علي أنها نمط من أنماط الترف والثراء أو نمط تقليدي للنمط الغربي، فتظل النساء يتحركن نحو التمكين وتغيير الثقافات التي تعيق هذا التمكين في نواحي متعددة، ولكن أمامها سيل غزير من المعوقات حتى تصل لمشاركة فعلية وجادة وحقيقية في عمليات صنع القرار دون أن تكون أداة في يد السلطات لتحقيق المصالح.

المشاركة السياسية للنساء هي أرقي تعبير عن الديمقراطية، عندما تصبح النساء ضلعًا أساسيًا من أضلاع المعادلة السياسية التي تقوم علي ركائز أساسية لتحقيق العدالة والحريات والحقوق لكافة فئات المجتمع من نساء ورجال بكافة مستوياتهم المجتمعية والوظيفية والإنسانية، لأن المشاركة السياسية هي ديمقراطية تعبر عن سيادة الشعب وأحد دلالات التنمية في المجتمعات وفقًا لمفاهيم التنمية الشاملة، التي تشمل كافة المشاركات والأنشطة التي تكون النساء قائدات عظيمات بها بالفكر المستنير والمشاركة الفعالة والرؤى المتنوعة التي تترك أثرًا مختلفًا، لأن بالطبع رؤية النساء تختلف أنماطها عن رؤية الرجال، فعند تحقيق ذلك المشاركات التنموية باختيار نخبة متنوعة من النخبة الحاكمة بطريقة مباشرة وغير مباشرة في كافة المناصب القيادية والتنفيذية والتي كانت بدايتها قيادة وصنع القرارات على مستوى خاص، والذي يبدأ من الأسرة والعائلة والمدرسة حتى تصل لأعلى المناصب القيادية وتصبح النساء على رأس السلطة.

ترتكز المشاركة السياسية النسائية على عدة أسس ومراحل مختلفة، منها الاهتمام بالشأن السياسي العام والانخراط في العملية السياسية والمجتمعية عن طريق المشاركة في كافة الأنشطة السياسية والمجتمعية، عن طريق ائتلافات سياسية نسائية وأحزاب سياسية ومؤسسات مجتمعية سواء على المستوى النسوي أو مستوى مجتمعي عام وغيرها من صور المشاركات التوعوية، بحتمية تحمل كافة المسؤوليات والنشاطات والأعمال والنضالات أن النسوية السياسية ووجوب ترشحها في الانتخابات عن طريق خوض هذه الملحمة السياسية، والمشاركة والعمل الجاد من داخل المطبخ السياسي، وسواء كانت كادر نسائي مرشح أو كادر نسائي ناخب فجميعها سبل هامة في تحقيق التغيير والقضاء على أنماط فكرية رجعية سواء على المستوى الثقافي السياسي أو الثقافي المجتمعي، ومن خلالها أيضًا نستطيع أن نحقق المساواة والحريات الأساسية لكافة النساء.

من المعوقات الأساسية التي تعوق النساء كناخبات أو مرشحات في أي مجال من المجالات سواء نقابية أو برلمانية أو وزارية يرجع سببه نمط الثقافي السائد تجاهها لكونها امرأة، فتتعرض للعنف والبلطجة والتشويه في سمعتها وأخلاقها، ويحدث ذلك من قبل المرشحين الذكور أنفسهم واستغلال الدين في هذا العنف، وكل هذا لا يساعد النساء على أن يقدموا على عملية الترشح لأي منصب قيادي خوفًا على سلامتهم من أي هجوم أو عنف، ولهذا الحل كان سبب هام في تأخر حصول النساء على كافة حقوقهم للأسف.

بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية بين النساء، ما يعد من أهم معوقات وصول النساء للقيادة والتي تضعف من مشاركتها في العملية السياسية، وافتقار النساء للوعي والثقافة بكافة حقوقهن على كافة المستويات والتي  تطغو عليها أن النساء وظيفتهم في الوجود الإنساني هي الوظيفة المنزلية، والتي ترتكز على الزواج والإنجاب وتربية الأبناء وتظل آخر حدودها هي أربع جدران في منزل الزوجية المقدس بالنسبة لأغلب البيئات المجتمعية.

وأيضًا من أهم وأبرز معوقات مشاركة النساء السياسية كمرأة مرشحة للانتخاب البرلماني هو إلغاء الانتخابات البرلمانية بقائمة النسبية، والتي كانت تضمن تمثيلًا أعلي للنساء في المجلس،  وبالطبع العمل بالنظام الفردي، فأصبحت المرأة وجهًا لوجه مع مرشح من فئة الرجال، وذلك يرجع لأن المجتمع يرى أن السياسة عمل ذكوري، ومن هنا حتمية وجود التشريع يلغي التمييز ويضمن تفعيل وجود النساء كجزء في تحقيق معادلة لعبة السياسة بمساواة فعلية ولأهميتهن فيتحقق النسيج الثقافي الاجتماعي والسياسي، إضافة إلى أن أغلب الأحزاب تتعامل مع النساء من مبدأ التهميش، فيعملون على تحقيق المشاركة بتمكين النساء ولكن من خلال ضم كوادر نسائية من معدومات الثقافة أو من فئة النسوية الذكورية التي تعمل هي نفسها على تهميش دور النساء، وهذا حدث معي أنا عن تجربة خاصة حزبية لي سابقة، فعندما كنت أقوم على وضع رؤى تعمل على تمكين النساء وخطة عمل ومقترحات تشمل تمثيل مناسب للنساء فكانت الكوادر الحزبية الذكورية تتجنب ما أقوم به وتحاول أن تستجيب لتمكين هؤلاء النساء من النسوية الذكورية، فهذا للأسف الشديد سبب من أسباب تأخر سبل تحقيق المساواة الفعلية وتعمل على مسألة التمكين الشكلي للنساء بتكوين لجان للمرأة بهدف معلن وهو السعي لتحقيق مصالح النساء من خلال نظام يسهل النساء الوصول إلى هذه المواقع القيادية.

 لذلك كان لزامًا علينا أن نذكر أنه ما زال تمثيل النساء ومشاركتهن ضعيفة داخل الأحزاب السياسية لاعتبارات عديدة، منها عدم وجود ضمانات للعمل السياسي تحمي النساء من أي نوع من أنواع الاضطهاد وممارسات العنف ضدهن، بجانب ضمانات تحمي أو تتبنى فكرة أن التمثيل القيادي النسائي من كوادر نسائية تعمل على هدف إصلاح الهيكل النسائي الشامل. وأخيرًا وليس آخرًا العمل على تعزيز ودعم جميع الآليات التي تعمل على توفير الحقوق الإنسانية لكافة النساء والمساهمة في التغيير الجذري للوعي الجمعي لدى كافة فئات المجتمع.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة