ماذا يحدث فى نقابة المهندسين؟

مرت نقابة المهندسين المصرية خلال أكثر من ثلاثين عام بالكثير من المعتركات، ما بين حراسة امتدت لأكثر من سبعة عشر عامًا تسببت فى خلق فجوة وفرقة بين المهندسين ومفهومهم للعمل النقابى التطوعي.

ثم تلى الحراسة مجلس الإخوان المسلمين الذى قام بالزج بالنقابة فى توجهات وأهداف سياسية، واستطاع المهندسون إفساد خطتهم وسحب الثقة من المجلس بالكامل فى 17 يناير 2014 وإجراء انتخابات على كافة المقاعد في النقابة العامة والنقابات الفرعية فى أبريل 2014.

إذًا كانت بداية وجود مجلس نقابى استكمل مدته القانونية هو مجلس (2014_2018)، مجلس تسلم نقابة محملة بركام وأعباء سنين الغياب والبعد والفرقة بين أجيال من المهندسين ومفهوهم وماهية العمل النقابي التطوعي.

لم يستطع مجلس 2014 تحقيق الكثير من الأهداف التي سعى إليها والتي علقت عليها آمال الكثير من المهندسين، وكان على راسها تطوير قانون النقابة ولائحته التنفيذية رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٤، الذي أصبح لا يتناسب في الكثير من مواده مع ما حدث من تطوير في كل مناحي الحياة وعلى راسها مهنة الهندسة.

ثم جاء مجلس (2018-2022) الذي تشكل معظم أعضاءه من رؤساء مجالس الشركات والهيئات الحكومية المعبئين بالكثير من المهام والمسئوليات التي لا تسمح لهم بالتواجد والتواصل مع أعضاء الجمعية العمومية وخدمتهم والنظر فى مشاكلهم المهنية والخدمية، ورسخت لمبدأ العمل فى لجان النقابة لأهل الثقة بديلا عن أهل الخبرة.

ثم جاء المجلس الحالى المنتخب في (2022-2026) بتركيبة اتضح أنه قد أصبح من رابع المستحيلات أن تعمل معًا لصالح الجمعية العمومية . نقيب عام شارك في معارك نقابية عدة (رفع الحراسة عن النقابة ثم سحب الثقة من مجلس الإخوان) ومر بتجربة نقابية سابقة  زادت من خبرته واستفاد من أخطاءها، ومجلس معظم أعضاءه حديثي الخبرة بالعمل النقابي ولم نسمع لهم رأي أو نرى لهم مشاركة سابقة في أي محفل نقابي، بالإضافة إلى رؤيتهم التي يتضح فيها الخلط بين العمل النقابي الخدمي التطوعي والعمل الوظيفي والاستقواء بالمنصب والانتماء الحزبي.

نتج عن هذا الخليط مجلس فشل لمدة عام فى التوافق والعمل لإدارة النقابة وتحقيق آمال المهندسين في نقابتهم، وأسفر عن الكثير من الخلافات والمشاحنات وتبادل الاتهامات بين النقيب والمجلس، حتى جاءت الجمعية العمومية العاديه في 6/3/2023 بحضور غير مسبوق لعدد يقترب من 4000 مهندس ومهندسة في حالة من الغضب والاحتقان لم ألت إليه أحوال نقابتهم وضعف الأداء للمجلس وحالة البعد والتعالي وعدم الاهتمام بالتواصل وسماع آراء المهندسين ومشاكلهم.

ظن أعضاء الجمعية العمومية أن الفرصة قد واتتهم للتعبير عن مطالبهم ومقترحاتهم في إدارة نقابتهم طبقًا للحق الذي كفله لهم قانون النقابة رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٤ في مادته رقم 17، وينص على أن: لكل عضو من أعضاء النقابة حق تقديم أي اقتراح إلى الجمعية العمومية بشرط أن يصل الاقتراح عن طريق مجلس النقابة قبل انعقاد الجمعية العمومية بأسبوعين على الأٌقل. فالتزم أعضاء الجمعية العمومية بنص القانون وتقدموا بالمقترحات إلى المجلس لطرحها على الجمعية العمومية أعلى سلطة في النقابة للنقاش واتخاذ القرار، فما كان من المجلس إلا القيام بفرز هذه المقترحات وتوزيعها على اللجان والشعب للدراسة وإبداء الرأي! في مخالفة لنص القانون وفرض للوصاية على الجمعية العمومية باعتبار أنه المجلس المنتخب ويحق له أن يعرض ما يراه مناسبًا ويجنب ما لا يراه مناسبًا من وجهة نظره المنفردة، ويجب على الجمعية العمومية الالتزام بجدول اعمال الجمعية الموضوع من المجلس للموافقة عليه دون نقاش أو جدال في سابقة لم تحدث من قبل.

ويأتي السؤال المعضلة: متى وكيف يحق للجمعية العمومية إبداء الرأي فى آداء المجلس؟ ومتى وكيف يحق لأعضاء الجمعية العمومية التعبير عن مشاكلهم وتقديم مقترحاتهم؟

اضطر النقيب العام إلى إعلان هذه المقترحات والتصويت عليها في الجمعية العمومية ووافق عليها الأعضاء بأغلبية الحضور وتشمل:

  1. حزمة من القرارات الخاصة بالتعليم الهندسي، على رأسها عدم قيد خريجى المعاهد الهندسية التي لم تحصل على شهادة جودة التعليم والاعتماد من الهيئة القومية للجودة فى موعد أقصاه 31/12/2024.
  • عدم تولي أعضاء المجلس المنتخبين لمناصب فى عضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة فيها النقابة، ترسيخًا لمبدأ فصل الملكية عن الإدارة ومنعًا لتضارب المصالح والبعد عن الشبهات، على أن يتم وضع معايير لاختيار من يتولى هذه المناصب من أعضاء الجمعية العمومية من ذوي الخبرة والكفاءة.
  • تكليف نقيب المهندسين بإعادة تشكيل اللجان لتفعيلها وضمان مشاركة أكبر عدد من المهندسين.
  • زيادة معاش المهندسين 150 جنيهًا.
  • تغيير الأمانة العامة للنقابة (الأمين العام والأمين المساعد) وتكليف مجلس النقابة باختيار أمانة جديدة.
  • عقد جمعية عمومية غير عادية فى 2/6/2023 لمتابعة تنفيذ قرارات الجمعية العمومية المنعقدة في 6/3/2023.

أسفرت موافقة الجمعية العمومية بأغلبية ساحقة على هذه القرارات عن غضب شديد من أعضاء المجلس واعلان الحرب على النقيب وقرارات الجمعية العمومية ورفع الدعاوى ببطلان الجمعية العمومية للتصويت على قرارات لم تدرج على جدول الأعمال، وجاء حكم القضاء بإيقاف تنفيذ قرارات الجمعية العمومية وإحالة الدعوة إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

وبعد الجمعية العمومية توالت القرارات والدعوات من كل من المجلس و النقيب، ما أدى إلى تخبط وتدهور فى إدارة شئون النقابة ودفع عدد من المهندسين (338) مهندسًا و مهندسة إلى التقدم بطلب إلى مجلس النقابة بعقد جمعية عمومية طارئة بسحب الثقة من المجلس بالكامل (مجلس ونقيب)، في الوقت الذي عقد فيه المجلس عدة جلسات لم يدعو لها ولم يحضرها النقيب مخالفة لنص القانون (مادة 29) أن: يجتمع مجلس النقابة بدعوة من النقيب مرة على الاقل كل شهر أو كلما دعت الضرورة لذلك أو بناء على طلب عشرة على الأقل من أعضاء المجلس بكتاب مسبب، ولا تكون مداولات المجلس صحيحة إلا بحضور النقيب أو من يقوم مقامه وأغلبية أعضاء المجلس على الأقل، وتصدر القرارات بأغلبية الآراء فإذا تساوت رجح الرأي الذي منه الرئيس.

وفي أثناء انعقاد إحدى جلسات المجلس التي لم يدعو لها النقيب ولم يحضرها ،عرض المجلس على نفسه الطلبات المقدمة من 338 مهندسًا لسحب الثقة من النقيب والمجلس، وعرض أيضًا على نفسه في نفس الجلسة طلبات قال إنها مقدمة من 1960 مهندسًا و مهندسة لسحب الثقة من النقيب منفردًا.

ورغم أن الطلبات المقدمة من 338 عضو جمعية عمومية تمت بحضورهم بشخوصهم وبشكل قانوني ومعلن ومسجل في مسرح النقابة العامة الكائن في 30 شارع رمسيس، نتج عنه قيام الأمين العام للنقابة بتقديم بلاغ في قسم الأزبكيه بقيام بعض الأفراد مجهولي الهوية بالتجمهر أمام مسرح النقابة، وذكر أسماء ثلاثة من الزملاء الأفاضل أعضاء الجمعية العمومية.

وطالب مأمور القسم تكليف قوة من القسم بالحضور لمقر النقابة لاتخاذ اللازم والحفاظ على النقابة من أصحابها بصفته المسئول عن كافة موجودات النقابة. المسئولية عن الأشياء وليس عن حق أعضاء الجمعية العمومية في تواجدهم في بيتهم المهني للتعبير عن إرادتهم وحريتهم في اختيار من يمثلهم ويعبر عنهم و يدافع عن حقوقهم!

ورغم أن الطلبات المقدمة من 1960 عضوًا تمت فى الخفاء ولا يعلم أو يعلن أصحابها متى وكيف تمت، أعلن المجلس الموافقة على طلبات سحب الثقة من النقيب فى جمعية عمومية طارئة تعقد في 30 مايو الجاري، وبذلك يكون المجلس وافق على الطلبات المقدمة من كلًا من 338 مهندسًا و1960 مهندسًا، ولكن على سحب الثقة من النقيب فقط، أما المجلس فغير مسموح بطرح سحب الثقة منه على الجمعية العمومية.

الأمر الآن فى يد الجمعية العمومية وحجم حضورها وقراراها يوم الثلاثاء القادم 30/5/2023. هل هذا الطرح بسحب الثقة من النقيب فيه احترام لعقول المهندسين وإرادتهم؟ وهل بإزاحة النقيب ستلغى قرارات الجمعية العمومية وتوصياتها؟ وهل وجود النقيب هو ما حال دون أن يقوم المجلس بمهامهة التي نص عليها القانون من تحقيق أهداف النقابة ووضع وسائل تنفيذها و متابعتها؟

وإذا كان المجلس استطاع أن يعقد عدة جلسات بمعزل عن النقيب ويتخذ قرارات ويشرع في تنفيذها، وعلى راسها قرار جمعية عمومية طارئه لسحب الثقة من النقيب، فما الذي أعاقه عن القيام بمهامه خلال عام كامل من إدارة شئون النقابة وزيادة مواردها وحماية المهنة والقائمين عليها؟ هل هذا المجلس الذي دعى إلى سحب الثقة من النقيب دون أن يتكلف مشقة احترام عقول المهندسين لعرض لماذا سحب الثقة ؟ وماذا بعد سحب الثقة؟ يمكن أن يكون محل ثقة؟

وللزملاء الأفاضل أعضاء المجلس، ما خطتكم القادمة لمستقبل أفضل للمهندسين ولمهنة الهندسة بعد إزاحة النقيب العام؟ هل هناك خارطة طريق وجدول أعمال سيتم عرضه على الجمعية العمومية؟ أم أن هناك مزيد من التهميش والإلغاء لأعضاء الجمعية العمومية وتوصياتها؟

زملائى المهندسين والمهندسات أعضاء الجمعية العمومية، نحن أمام مرحلة فاصلة في تاريخ النقابة ومستقبلها، هل سنتمكن من الحفاظ على الحق ألذى كفله لنا الدستور والقانون باستقلالية النقابات المهنية وإدارتها وفق لرأي وإرادة أعضاء الجمعية العمومية أم سنضيع هذا الحق ونصبح على ما فعلنا نادمين؟

رجاء الحفاظ على الحق فى الحضور وإبداء الرأي بحرية وإرادة، والحفاظ على استدامة النقابة وحق الأجيال القادمة في موروث وتاريخ مشرف من العمل النقابي.

رجاء الحضور لرفض الوصاية والإملاء.

رجاء الحضور ورفض سحب الثقة من النقيب منفردًا. وتجديد الدعوة لسحب الثقة من المجلس بالكامل.. نقيب وأعضاء.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة