اليوم الأول للحوار الوطني..اتفاق حول مكافحة التمييز وانقسام حول النظام الانتخابي

شهدت أولى جلسات المحور السياسي في الحوار الوطني والتي عقدت الأحد 14 مايو، حضورًا كثيفًا ومشاركة متنوعة من مختلف التيارات والفئات، مع حضور لعدد من ممثلي دول ومنظمات دولية مختلفة.

فقد حضر 630 فردًا من بينهم 150 متحدثًا و300 مستمع و180 صحفيًا، إذ تم مناقشة 3 قضايا في 4 جلسات، بواقع 7 ساعات بالتوازي.

تناولت الجلسة الأولى من الحوار مناقشة الموضوع الأبرز لليوم، وهو النظام الانتخابي لمجلس النواب، والذي يندرج ضمن قضايا لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي، فيما تناولت الجلسة الثانية من الحوار الوطني، مناقشة قضية القضاء على كل أشكال التمييز، التي تندرج ضمن قضايا لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة، وحل تحديات التعاونيات، التي تندرج ضمن قضايا لجنة النقابات والمجتمع المدني في الجلسة الثالثة.

خلاف حول القائمة النسبية والمغلقة

شهدت الجلسة الأولى المتعلقة بالنظام الانتخابي تباينًا في آراء الأحزاب المعارضة والمؤيدة، ففي الوقت الذي أعلنت احزاب المعارضة تبنيها لنظام القائمة النسبية، أكدت الأحزاب المؤيدة أنها تتبنى نظام القائمة المطلقة.

دافع الموالون من الأحزاب والشخصيات العامة عن القائمة المغلقة، بدعوى أنها الأصلح والأفضل وتتفق مع الدستور. لكن في المقابل دافع ممثلو الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم 12 حزبًا معارضًا وعددًا كبيرًا من الشخصيات العامة عن القائمة النسبية.

وقدم حزب مستقبل وطن صاحب الأغلبية في البرلمان المصري، وعدد من أحزاب الموالاة المتحالفة معه ما يفيد بالرغبة في الإبقاء على النظام الانتخابي الحالي الذي يجد معارضة واسعة، بعد أن تسبب في هيمنة الأحزاب القريبة من الحكومة على البرلمان بغرفتيه، النواب والشيوخ.

وقال أكرم إسماعيل ممثل حزب العيش والحرية تحت التأسيس في كلمته إنه لا يمكن أن توجد ديمقراطية دون إتاحة مناخ ملائم لتنظيم الأحزاب السياسية. وأضاف: التنظيم الحزبي لا يستقيم دون دعمه بقانون انتخابي، والقائمة النسبية النظام الوحيد الذي تبناه العالم لتأسيس مجال سياسي يقوي الأحزاب.

ودافع إسماعيل عن القائمة النسبية التي تدعم الأحزاب، قائلًا: الأحزاب ضعيفة لكن القائمة النسبية تؤهلها لأن تكبر وتتحول لأغلبية، هو نظام يسمح للضعيف أن يكبر والناس ترى برنامجه ويكبر بأدائه في البرلمان.

من جانبه اعتبر علاء عبد النبي، ممثل حزب الإصلاح والتنمية، أن القائمة المغلقة تمثل إهدارًا لأصوات الناخبين، قائلًا: نحن كحزب نؤيد إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية فقط دون اللجوء للمقاعد الفردية. وأضاف عبد النبي: كافة الأحزاب السياسية ضعيفة وتعاني من العصبية والقبلية، وأن المادة المواد 5 و 74 و 102 تتحدث عن تداول السلطة، وهنا نتساءل كيف يكون هناك تداول السلطة بدون أحزاب؟

واستكمل حديثه: القائمة النسبية لا تهدر 49 % من الأصوات، لذا نؤيد إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية، وفيما يخص المحافظات الحدودية يمكننا حل تلك المشكلة من خلال إعادة تقسيم الدوائر.

وجرى إدخال تعديلات على قانون انتخابات مجلس النواب في العام 2020، يشكل بموجبها مناصفة بين النظام الفردي والقوائم المغلقة المطلقة، بواقع 284 مقعداً لكل منهما، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.

وتواجه الأحزاب المعارضة الصغيرة صعوبة في الوصول إلى مقاعد البرلمان، لأن القائمة المطلقة المغلقة تدعم فوز القائمة بأكملها إذا حصلت على إجمالي أصوات 50 % زائدا 1، ولا تستطيع المنافسة في الدوائر الانتخابية المترامية التي حددها القانون بأربع دوائر للانتخابات بنظام القائمة، دائرتان منها لكل قائمة 42 مقعدًا، ودائرتان لكل قائمة 100 مقعد.

ودخلت بعض أحزاب المعارضة انتخابات البرلمان السابق في تحالفات مع أخرى محسوبة على الموالاة لضمان مقاعد لها داخل البرلمان، فيما تعرضت تلك الأحزاب إلى انتقادات عديدة.

مكافحة التمييز

فيما عقدت لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني الجلسة النقاشية الثانية، حول موضوع القضاء على كافة أشكال التمييز بين البشر. وجاء ذلك بحضور ومشاركة ممثلين عن فئات المجتمع كافة من سياسيين ومرشحي جهات وأحزاب سياسية وباحثين وخبراء ومقدمي مقترحات.

وأكد المشاركون على ضرورة المساواة بين المصريين كافة، وأن الدولة ملتزمة بجميع الاتفاقيات ذات الصلة التي وقعت عليها للمساواة بين المواطنين أمام القانون، سواء فى الحقوق المدنية أو السياسية. واتفق أغلبية المشاركين في جلسة الحوار على تفعيل الاستحقاق الدستوري الوارد في نص المادة 53  الخاص بإنشاء مفوضية مكافحة التمييز، فيما قدمت 10 مشروعات لمفوضية مكافحة التمييز.

بدورها، طالبت عضوة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لبنى درويش، بإنشاء مفوضية لمنع التمييز، بوصفها: فرصة لمصر في تحسين وضعها تجاه الالتزامات الدولية، وتحقيق خطوات متقدمة تجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتابعت لبنى: اقترحنا تشريعًا شاملًا وفعالًا للمساواة ومنع التمييز، يتضمن موادًا لإنشاء المفوضية ويغطي تشريعيًا المساواة في كل أوجه الحياة، ويتضمن تعريفًا واضحًا لكل المحظورات، فالتشريع يجب أن يحافظ على التوازن بين منع التمييز وحرية التعبير والمساواة، مشددة على أن تكون المفوضية مستقلة، لتعزيز الفرصة للعمل على تحقيق المساواة.

من جهتها، قالت عضوة المكتب السياسي لحزب المحافظين نيفين إسكندر، إن الممارسات التمييزية سواء المؤسسية أو الفردية والتأثير المتبادل بينهما يؤصل بشكل واضح للتمييز، فالممارسات المؤسسية تؤثر بشكل مباشر على سلوك الأفراد ومنه تأصيل أفعال التمييز كطبيعة بين المواطنين، وأيضًا الممارسات الفردية التمييزية بعد فترات تنتقل كسلوك وفعل أصيل داخل المؤسسات.

وبحسب ممثلة حزب المحافظين بالحوار الوطني، فإنه لا يمكن مواجهة كافة أشكال التمييز عبر إنشاء مفوضية لمكافحته وحسب، بل إنه يجب أن يكون هناك تكاتف بين كافة التيارات وممثلي المجتمع المصري من أجل مناهضة كافة أشكال التمييز باعتباره مسؤولية جامعة لكافة الأطراف، ولاسيما في ضوء القصور الواضح وغياب السبل لمواجهة الممارسات التمييزية لدى الإعلام والمؤسسات التعليمية والكيانات الثقافية بشأن مواجهة التمييز أو التأصيل له في مشاهد قد تعكس بعض الأفعال التمييزية المعتادة وتصدرها للمشهد العام.

وطالب المشاركون بمراجعة جميع القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة التمييز، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقوانين العمل، وتبني برنامج وطني لمتابعة كافة أشكال التمييز وزيادة الوعي حول هذه القضية، والعمل على المساواة بين الجنسين ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعى، والقضاء على مركزية القرار، ورفع الوعي فى المدارس بهذه القضية وتجديد الخطاب الديني ونبذ العنف.

كما شدد المشاركون في الجلسة النقاشية على ضرورة تمتع المفوضية بالاستقلالية والصلاحيات في حدود القانون، مع إبداء الرأي وتقديم مقترحات، العمل على المواطنة والمساواة بين الأفراد، وتلقي الشكاوى من المتضررين، وإطلاق حملات توعية وتضمين مناهج التعليم قضية المواطنة ومكافحة التمييز.

تحديات التعاونيات في مصر

من ناحية أخرى أكد المشاركون في لجنة النقابات والمجتمع الأهلي بالحوار الوطني على أهمية تفعيل دور التعاونيات ووضع حلول لكل التحديات التي تواجهها؛ لأنها تشارك الدولة في تقديم خدمات ملموسة غير هادفة للربح، معربين عن أملهم في أن يكون هناك جزءًا بمناهج التعليم يعرِّف بها وبأهميتها.

واستعرض حمدي أحمد مدير عام الاتحاد التعاوني العربي، التحديات التي تواجه قطاع التعاونيات في مصر، لا سيما ما يخص القوانين والتشريعات المنظمة للقطاع، منوهًا بأن المتطلبات الخاصة تشمل إصدار قانون موحد بدلًا من القوانين السبعة التي تسببت في تشتت الجهات المشرفة والمنظمة للقطاع.

وأضاف أن المطلب الثاني هو ضرورة إنشاء بنك تعاوني بمقومات خاصة لجذب مدخرات الأعضاء وتمويلهم بقروض ميسرة تساعدهم في إنشاء مشروعات، أما المطلب الثالث هو إنشاء جامعة أهلية، خاصة أن مصر بها عدة معاهد تعاونيات تصلح لتكون نواة لإنشاء هذه الجامعة، بجانب ضرورة استحداث مادة لتدريس التعاونيات في مختلف المراحل الدراسية ودورها المساعدة في تأسيس جيل متفهم لدورها.

كما طالب بتفعيل دور مجلس التعاونيات الذي تأسس في 2018، ووجود تمثيل نيابي لنقل صوت التعاونيات لهذه المجالس، والتوسع في إنشاء التعاونيات على غرار دول العالم لتشمل التصدير وصناديق الاستثمار والصحة والتعليم، وإنشاء مشروعات مشتركة مع الاتحادات العمالية وتفعيل الاتحاد العام لعمال مصر.

بدورها طالبت منى عزت مؤسس مؤسسة النون لرعاية الأسرة، بضرورة إصدار قانون موحد للتعاونيات، لتنظيم عملية تأسيس التعاونيات، ويضمن إجراءات تأسيس محددة وسهلة التنفيذ وغير مكلفة ماديًا. بالإضافة إلى تطبيق نظام للمراقبة والمتابعة للتعاونيات بما لا يتعارض مع ديمقراطية واستقلالية إدارة التعاونيات.

وأشارت في مطالبها إلى ضرورة وضع نظم ضريبية وائتمانية ميسرة تتواءم مع القدرة الاقتصادية للتعاونيات، وإتاحة الفرص التدريبية التي تسهم في تحسين الإنتاج والتدريبات المتعلقة بالنظم الإدارية والمحاسبية ضمان تفعيل معايير العمل اللائق، ومنها تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية وأن تكون بيئة العمل أمنة ومحفزة للنساء والرجال.

فضلاً عن ضرورة إتاحة الحق في التنظيم بدون تدخل من الجهات الإدارية، سواء في تأسيس الاتحادات النوعية أو الاتحاد العام أو انضمام العمال والعاملات في التعاونيات إلى التنظيمات النقابية، مع العمل معًا على تمكين النساء من الوصول إلى المناصب القيادية ومواقع صنع القرار في هذه التنظيمات.

وأوضحت منى في كلمتها  أن تحقيق ما سبق يضمن أن يكون لدينا قطاع تعاوني قادر على القيام بدور فاعل في القطاع غير المنظم الذي يعمل في مجال الحرف اليدوية والزراعية والسمكية، وأن اغلب العاملين والعاملات في هذه الأنشطة لا يملكون رأس المال أو الخبرات الفنية و الإدارية وعدم القدرة على التسويق، وبالتالي التعاونيات سوف تتيح لهم فرص تعظيم رأس المال والتأهيل والتدريب الذي يحسن من القدرة الإنتاجية، وبالتالي تزيد فرص التسويق مما يعود بالإيجاب على توفير فرص عمل مستدامة ولائقة وقادرة على توفير دخل مناسب، كما يسهم ذلك في تنظيم العاملين /ات في هذه التعاونيات وتسهيل إجراءات إعداد قاعدة للبيانات تتضمن الأسماء رجال ونساء والنطاق الجغرافي ومجالات النشاط وبالتالي يسهل عملية المتابعة وتقييم وخطط التطوير لهذه التعاونيات.

وأكدت منى على ضرورة أن يتزامن مع تنفيذ الإجراءات السابقة إعداد حملات تثقيفية حول الاقتصاد التعاوني وطرق عمله ومبادئه، على أن يتم ذلك من خلال المؤسسات الإعلامية والتعليمية. ومن المقرر أن تعقد جلسات الحوار الوطني بشكل منتظم ومستمر ثلاثة أيام أسبوعيًا، ويخصص يوم الأحد من كل أسبوع للمحور السياسي. على أن يخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لمناقشة بعض قضايا المحور الاقتصادي، فيما يخصص يوم الخميس المقبل، لمناقشة بعض قضايا المحور المجتمعي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة