اقتصاد الانتباه

الأعزاء لا تستهينوا بانتباهكم..

اقتصاد الانتباه هو أحد الفروع الحديثة لعلم الاقتصاد، ويعنى التعامل مع انتباه الأفراد كـ«سلعة ثمينة ونادرة»، وهو المفهوم الذى صاغه لأول مرة عام 1971 عالم النفس والاقتصادي الحائز علي جائزة نوبل «هربرت ألكسندر سيمون»، الذي افترض أن الانتباه هو «عنق الزجاجة للفكر البشري» الذي يحدد ما يمكننا إدراكه في البيئات المحفزة وما يمكننا القيام به، وهو الذي أشار إلى أنه في عصر المعلومات يتشتت الانتباه وبالتالي يعتبر الانتباه من الموارد النادرة، وهذا التشتت الناتج من المعلومات والمثيرات التي لا نهاية لها يستدعى ميل المخ إلى تحديد الأهم، ومن ثم التركيز على معلومة محددة.

فى عام 1997، حذر الفيزيائى «ميشيل جولدهابر» من أن الاقتصاد الدولى يتحول من «الاقتصاد القائم على المواد إلى الاقتصاد القائم على الاهتمام أي الانتباه»، مشيرًا إلى العديد من الخدمات المقدمة عبر الإنترنت مجانًا، وذلك لأن الوظائف الحديثة تعمل بالمعلومات.

لذا فإن اقتصاد الانتباه (Attention economy) هو نظام اقتصادي يستند إلى توجيه الانتباه والتركيز عليه كمورد اقتصادي يمكن استغلاله في إنشاء القيمة للكثير من الأمور بغرض تحقيق الربح، لأن هذا النظام يعتمد على الفكرة التي تقول بإن الانتباه هو أحد أكثر الموارد قيمة في العصر الرقمي، حيث يتنافس موفرو المحتوى والخدمات الرقمية على جذب وتحفيز انتباه المستخدمين والمتابعين لزيادة قاعدة المستخدمين وبالتالي زيادة الإيرادات.

وببساطة شديدة، تتمثل فكرة اقتصاد الانتباه في إنشاء سوق، الكل فيه سعداء ومرتاحون، فالمستهلك سعيد ومرتاح وسوف ينفق المال لشراء السلعة أو استخدام الخدمة، والبائع يسعده ذلك، والمُنتج ربما يكون الأكثر سعادة.

فقياس الانتباه هنا والذي يقوم على أساسه فرع من فروع الاقتصاد هو مقدار الوقت الذى نركز فيه على شيء معين. وبناءً على هذا القياس يمكن أن يٌستخدم اقتصاد الانتباه  في العديد من المجالات كالآتي:

  1. 1-    المنصات الرقمية: مثل محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، حيث يتنافس موفرو هذه الخدمات على جذب انتباه المستخدمين وزيادة قاعدة المستخدمين والإيرادات.
  • 2-    التسويق الرقمي: حيث يستخدم اقتصاد الانتباه لتوجيه الإعلانات والمحتوى الذي يتناسب مع اهتمامات المستهلكين ويثير انتباههم، مما يزيد من فرص الإيرادات.
  • التعليم الرقمي: حيث يستخدم اقتصاد الانتباه في تصميم المحتوى التعليمي وتحديد الأساليب التعليمية التي تثير انتباه الطلاب وتساعدهم على تحقيق أهدافهم التعليمية.
  • الرعاية الصحية: حيث يستخدم اقتصاد الانتباه في تصميم التطبيقات الصحية والمنصات الرقمية التي تجعل الحصول على الرعاية الصحية أكثر سهولة وفعالية، مما يساعد على تحسين جودة الرعاية الصحية.
  • الألعاب الإلكترونية: حيث يستخدم اقتصاد الانتباه في تصميم الألعاب الإلكترونية وتحديد العوامل التي تثير انتباه اللاعبين وتجعل الألعاب أكثر إثارة وتشويقًا.
  • كذلك في الفن وصناعته: يستخدم المخرجين والمنتجين والمعدين اقتصاد الانتباه في صناعة الأفلام والمسلسلات والبرامج المختلفة لتسويق أعمالهم وجذب انتباه المشاهدين والمتابعين، فمن أبسط الأمثلة في هذا المجال، أن مناقشة موضوع بعينه في مسلسل يجعل فئة كبيرة من المشاهدين يتابع هذا العمل، كذلك أثناء متابعتنا لبرنامج ما أو فيلم، وظهرت لنا كلمة «عاجل» في الشريط الإخباري فسوف تصرف نظرنا إليها مباشرة ونهتم بما يرد بعدها، وهكذا.

واليوم أصبح المنافس لهذه الشركات والصناعات هو النوم، لأن ساعات النوم لا يكون هناك من يركز انتباهه لما تقدمه هذه الشركات والصناعات، وتشير الدراسات أن عائد البث المباشر من خلال مواقع البث stream Live  بلغ في عام 2021 تقريبا 70 مليار دولار.

أيضًا اقتصاد الانتباه لا تستخدمه فقط الشركات التي تركز على جذب انتباهنا لمصالحها وزيادة إيراداتها، ولكن يمكن أيضًا للأفراد الاستفادة منه على النحو التالي:

  1. تحديد الاهتمامات الشخصية: يمكن للفرد الاستفادة من اقتصاد الانتباه عندما يحدد اهتماماته الشخصية بشكل واضح، مما يساعد في اختيار الخدمات والمحتوى الذي يتناسب مع اهتماماته ويثير انتباهه.
  • استخدام أدوات التحكم في الإعلانات: يمكن للفرد استخدام أدوات التحكم في الإعلانات المتاحة في العديد من المنصات الرقمية، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، لتحديد نوع الإعلانات التي يرغب في رؤيتها ونوع الإعلانات التي يرغب في إخفائها.
  • تنظيم الوقت والانتباه: يمكن للفرد الاستفادة من اقتصاد الانتباه عند تنظيم وقته وانتباهه، وذلك بتحديد وقت محدد لاستخدام المنصات الرقمية وتفادي الوقوع في الإدمان الرقمي، مما يساعد على زيادة الإنتاجية وتحسين جودة الحياة.
  • يمكن للفرد أيضًا الاستفادة من اقتصاد الانتباه عند ترويج نشاط معين يقوم به سواء كان هذا النشاط تجاري أو ثقافي أوخدمي، أو حتى على مستوى التسلية بصنع محتوي مميز يجذب المشاهدين لتحقيق الرغبة في التريند.

لذا انتباهنا هو ثروة كبيرة لنا وللآخرين وله دور كبير في الاقتصاد على المستوي المحلي والدولي، ويجب التعامل معه معاملة الشيء الثمين الذي يجب حمايته وتنميته والحفاظ عليه.  

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة