صديق الأمس هو عدو اليوم، فبعد مرور عشرين عامًا من الصداقة والتعاون بين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ومحمد دقلو «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع، وصلت الخلافات بينهما إلى المواجهات المسلحة في العاصمة الخرطوم وكردفان ودارفور ومدينة مروي شمال البلاد، وتبادل الطرفان الاتهامات فيما بينهما بمن بادر بالقتال والمواجهة العسكرية، فما القصة؟
بدأ القتال بين الجيش السوداني بزعامة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان داقلو، الشهير بحميدتي، وسط تضارب للمعلومات حول سيطرة الفريقين، فبينما نقل الجيش السوداني في بيان سيطرته على عدة مواقع ومقرات لقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة، أبرزها معسكر كرري شمال أم درمان، قالت قوات الدعم السريع إنها تواصل القتال على مقر القيادة العامة السوداني، ما أسفر عن مقتل 56 مدنيًا في الاشتباكات وأصيب 595 آخرين بحسب بيان لنقابة الأطباء السودانية.
من هم أطراف النزاع
عبد الفتاح البرهان
ولد البرهان بقرية قندتو شمال الخرطوم عام ١٩٦٠، والتحق بالكلية الحربية وتلقى عدة تدريبات عسكرية في مصر والأردن.
عمل البرهان في وحدات الجيش السوداني في الخرطوم، وشارك جبهات القتال بحرب دارفور وجنوب السودان وعدة مناطق أخرى. كما شغل البرهان عدة مناصب عسكرية، فقد كان قائد لقوات حرس الحدود ثم نائبًا لرئيس أركان عمليات القوات البرية ثم رئيسًا لأركان قوات الجيش السوداني، كذلك أمضى فترة من حياته كملحق عسكري في بكين.
وفي فبراير ٢٠١٩ أعلن الرئيس السابق للسودان عمر البشير عن تعديلات في قيادات الجيش، وتمت ترقية البرهان من رتبة فريق ركن إلى فريق أول، وتولى منصب المفتش العام للقوات المسلحة، وبعدها بشهرين تولى البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفًا لوزير الدفاع عوض بن عوف.
وفي أكتوبر ٢٠٢١ أعلن البرهان حل مجلسي السيادة وتعليق العمل بمواد دستورية وفرض حالة الطوارئ.
محمد حمدان دقلو «حميدتي»
ينحدر حميدتي من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية، وتقطن إقليم دارفور غربي السودان. عمل في شبابه بتجارة الإبل وحماية القوافل التجارية بين ليبيا ومالي وتشاد عبر قوات غير رسمية.
وفي عام ٢٠١٣ تم تشكيل قوات الدعم السريع لمعاونة القوات النظامية ضد الحركات المسلحة بدارفور، وعلى رأسها حميدتي قائدًا لقوات الدعم السريع. وفي ٢٠١٤ تم الاعتراف بقوات الدعم السريع كقوات نظامية، وجرى تزويدهم بالأسلحة الخفيفة وسيارات الدفع الرباعي وسط استياء وانتقادات من ضباط الجيش السوداني.
وفي يوليو ٢٠١٩ تم تعديل قانون قوات الدعم السريع وحذف منه مادة تلغي انصياعه لأحكام قانون القوات المسلحة. كما يسيطر حميدتي على عدد من مناجم الذهب بدارفور، ويقدر المحللون عدد قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي إلى ما يقرب من ١٠٠ ألف جندي حول البلاد.
جذور العلاقة بين حميدتي والبرهان وكيف تطورت
بدأت العلاقة بينهما في ٢٠٠٣ إبان حكم الرئيس السابق عمر البشير مع بداية النزاع في إقليم دارفور، فقد كان البرهان ينسق عمليات الجيش، وكان حميدتي ضمن مجموعة مسلحة صغيرة تتصدى لمجموعات مسلحة أخرى.
وفي ٢٠١٩ اتفق الطرفان على أن مصلحة السودان تقتضي إسقاط نظام البشير، وتشكيل مجلس عسكري يرأسه البرهان وعين نائبه حميدتي. ومنذ انقلاب أكتوبر ٢٠٢١ يدير المجلس الحكم في السودان عن طريق قائدين عسكريين.
لم تخل العلاقة بين الطرفين من المناوشات، ولكن سرعان ما كان يتم احتوائها، وظلت الثقة متبادلة بينهما.
اختلف الطرفان على الاتجاه المناسب لسير البلاد وعلى مقترح الانتقال إلى حكم مدني، فمع قرار البرهان بحل جميع مؤسسات الفترة الانتقالية عام ٢٠٢١ دعم حميدتي القرار في بداية الأمر، ثم أعلن عن ندمه لاحقًا وأقر بعدم صوابية القرار.
بدأ البرهان بالتقارب مع تيارات الإسلام السياسي ممن لهم مواقف مع حميدتي، فيما اعتبر حميدتي هذا التقارب عودة لرموز نظام البشير، وأشار بذلك إلى أنصار حزب المؤتمر القومي. كما كانت واحدة من أهم نقاط الخلاف بين الطرفين نقطة الدمج التي تم التوقيع عليها في الاتفاق الإطاري، والتي تنص على دمج قوات الدعم السريع إلى الجيش السوداني وتحت قيادة واحدة.
وفي سياق متصل، قالت قوات الدعم في رسالة وجهتها: «لأخوانا المصريين (...) أولادكم في الحفظ والصون وفي مكان آمن، ومستعدين لتسليمهم للحكومة المصرية. الكتيبة المصرية لا تعتبر عدو، وسلمت نفسها دون مقاومة. ما حدث يعد ثمنًا للديموقراطية، وقطعنا عهدًا على أنفسنا أن السلطة للشعب، نحن اُجبرنا على المواجهة ولا يمكن أن نستسلم».
وكانت أنباء ترددت أمس عن سيطرة قوات الدعم على مطار مروي، بينما قال الجيش المصري في بيانه أمس إن «القوات المسلحة المصرية تتابع عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضى السودانية، وفى إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم فى السودان جاري التنسيق مع الجهات المعنية فى السودان لضمان تأمين القوات المصرية».