لمن الوصاية؟ قانون جديد للإجابة

الزوجان دائمًا هما من يقرران و يختاران أحدهما الآخر، يقابلان بعضهما ويقعان في الغرام، ويدعم بعضهما البعض حتى يصلان إلى منزلهما الذي بنته أياديهما، عشهما الصغير الذي يكتمل بالحب والدعم والمودة والرحمة، ويكتمل أيضًا بعد ذلك بوجود طفل صغير يملأ حياتهما بالفرح، وتأتي معه مسئولية كبيره يتعلمان فيها كيف يكونان أوصياء على طفل صغير، كيف يحباه ويدعماه منذ أن يحبي، ثم يمشي ويتعلم وتكبر المسئولية معه يومًا بعد يوم.

ولكن لم تخلق الحياة دائمًا وردية، وخلق الله معها الحزن والأسى «ولقد خلقنا الإنسان في كَبَدٍ»، إذ تجد المرأة في بعض الأحيان وحيدة فجأة، وتفقد شريكها الذي كان يعتني بها وتعتني به، ويصبح الاثنان اللذان يتشاركان معًا الحياة واحدًا، الاثنان الأكثر دراية بمتطلبات أبنائهما ومصلحتهما في التعليم وممارسة الرياضة وأوقات الترفيه،  تصبح أرملة في غفلة ولا تدري كيف تدير حياة أولادها وحدها وكيف تتدبرها، خصوصًا إذا كانت ربة منزل وليست ميسورة الحال،  تأخذ وقت حتى تدرك أن الوصاية التعليمية لأبنائها انتقلت للجد، وإذا كان المرحوم صاحب عمل ما ليس له معاش أو تارك لبعض المال كميراث يصبح الشخص الوحيد الذي له التحكم فيه هو الجد أب الأب.

والأرملة تعاني من بعض العرقلة أحيانًا في أمورها، وتلجأ معظم الأحيان إلى الجد في طلب مصاريف رياضة ما لأبنائها أو حتى درس خصوصي لمساعدتهم في تحسين مستوى التعليم، أو حتى في انتقالهم من مدرسة لمدرسة أخرى، وكل هذا من تركة أبيهم لأنهم لم يصبحوا بعد في السن الملائم للاستفادة بها.

ولقد ناقش مسلسل «تحت الوصاية» للفنانة منى زكي قضية الوصاية على الأبناء في التعليم والتركة والصعوبات التي تواجها المرأه في حياتها بعد فقدان الزوج، وخصوصًا إذا كان أهل الزوج مثل العم والجد لا يفقهون البتة ما يحتاجه الاطفال، الذين لا يدري عن احتياجاتهم شخص سوى ذويهم فقط، من تعاونوا على إنجابهم وحلموا كل يوم باليوم الذي سوف ينطق فيه رضيعهم كلمة ماما وبابا.

وحالة المسلسل هي رصد لحالة أرامل لم ينلن كل الحظ في أهل فقيدهم، مثل العم أو أب الأب، وهو ليس تعميم البتة كل حال الأرامل، ولكن لتقريب الصورة وتسليط الضوء على حالات لم يخدمها القانون بعد، ولكن في ظل أيامنا هذه ودور المرأه الجاهد في كل أدوارها في المجتمع، ليس بالفن فقط ولكن أيضًا في البرلمان، لقد قدمت عضو البرلمان ريهام عفيفي طلب بتعديل قانون الولاية على المال الصادر منذ خمسينيات القرن الماضي.

وكانت كلمات الفنانة مني زكي في المسلسل: «أنا أمهم!  أنا أكتر واحدة أعرف همّا محتاجين إيه، هو إنتوا يعنى مستصغرنّي ولا إيه؟ دة حتى المبلغ اللى عاوزة أسحبه مش كبير! يعنى أنا ولادي يبقوا وارثين وأنا مش عارفة آخد الفلوس دي أصرف عليهم !» هي التي أثرت في نفوس الكثيرين، ومن ضمنهم عضوة البرلمان التي تحركت في طلب تعديل القانون، وقالت إن قانون الولاية على المال والجاري العمل به له العديد من أوجه القصور التشريعي، وهو ما يتطلب المعالجة السريعة.

وقد كان فيلم «جعلونى مجرمًا» سنة ١٩٥٥ تسبب بعد عرضه فى تعديل قانون الإجراءات الجنائية بإعفاء المذنب من السابقة الأولى وعدم تسجيلها فى صحيفة الحالة الجنائية، هل يمكن للمسلسل أيضًا أن يكون له نفس التأثير على الأرملة التي لا يمكنها تحصيل أموال أطفالها.

ظهرت منى زكي في المسلسل ليست سيدة مكافحة فقط وتكافح من أجل أن يعيش طفليها في أمان وتعليم أفضل، ولكن أظهرها  خارجة عن القانون وسارقة لمركب أطفالها التي هي ميراثهم، وكانت تشرع في عمل بطاقة شخصيه جديدة مزورة، وكل هذه التهم التي قامت بها من أجل طفليها كان من الممكن تعرض أمانها الشخصي للخطر، وبدلًا من أن تحتمي من كل هذه التهم بقانون صالح لها ولكل من مثلها، على أن تكون متهمة بكل هذا وعرضة إلى أن تسجن وتحرم من طفليها ويحرموا هم الآخرين من الأم مثلما حرموا من الأب، وتسوء الأمور أكثر.

أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها حول الوصي الشرعي بعد وفاة الأب، أن الأصل في هذا أن يتولى أموال اليتامى الوصي الذى أوصى له الأب، سواء كان الوصي من الأقارب كالأم أو الأعمام أو الجد أو غيرهم، فإن لم يوصِ الأب لإنسان معين بالولاية على مال أبنائه، يكون الجد أبو الأب هو القائم والمسئول عن أموالهم.

وقد نصت المادة (176) من هذا القانون على تنصيب الأوصياء:

 1 – يجوز للأب وللجد عند فقدان الأب أن يقيم وصيًا مختارًا لولده القاصر أو الحمل، وله أن يرجع عن اختياره.

 2 – وتعرض الوصاية بعد الوفاة على المحكمة لتثبيتها.

 3 – إن الوصاية في أموال القاصرين بعد وفاة الأب هي للوصي الذي اختاره الأب، وإن لم يكن قريبًا لهم، على أن تعرض الوصاية على القاضي لتثبيتها فيما إذا كانت مستوفية لشروطها الشرعية. وهذا يوافق المادة (28) من القانون المصري. 

ولكن كم من أب يكتب وصيته وهو في عمر الشباب ويقول سأوصي بهذا أو ذاك؟! كم رجل يشعر بما في الغيب ويحتذر حتى وإن كان مريضًا ويخاف الموت فجأة؟ من في باله أن يقوم بالوصاية لأم أولاده؟ نادر الندرة بالتأكيد.

فأعتقد أن كل زمن وعصر له قانونه الذي يحكمه، وإذا كان في القانون قصور يجب علاجه ليواكب عصرًا جديدًا وينصر أي مظلوم رجل كان أو امرأة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة