ابحث عن الإجابة

في ظل هذه الظروف من حولنا يتكرر التساؤل هل تقوم الدولة بدورها لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي لا ينكرها إلا جاحد ولا تخفى إلا على كفيف؟ وفي الحقيقة أنا لا أملك الإجابة، ولا أدعي امتلاكها، ولكن كالعادة فأنا حكاء أمتلك القصة ولا أبخل بسردها أبدًا.

منذ البداية كانت بشكل أو بآخر هناك النظم السياسية والإدارة السياسية للمجتمع، أو كما كان يعرف أرسطو الإنسان بأنه حيوان سياسي بطبعه، حتى تلك الفترة التي تسبق قيام الدول وسيادة القوانين والأنظمة السياسية المعروفة، تلك الفترة التي يطلق عليها علماء الاجتماع حالة الطبيعة، يري الفلاسفة أنها كانت تملك القيم الأخلاقية الحامية للعيش المشترك بما يكفي لنعتبرها مجازًا نظامًا سياسيًا.

ولكن ما الدافع من وجود الدولة والالتزام بما يطلق عليه العقد الاجتماعي الذي يتنازل فيه الفرد عن جزء من حريته وحقوقه لصالح الدولة؟ بتفويض كامل لاحتكار هذه الدولة لأعمال العنف مقابل قيامها بفض التنازع أي انه وفقا للتعريف علاقة شرطية قائمة بالأساس على المنفعة

وتعريف هذه العلاقة بكونها عقد، لتصويرها بشكل أكثر شاعرية وجعلها تتسم بالتراضي المتبادل بين الطرفين.

وهذا ليس رأيًا شخصيًا، فالفيلسوف الإنجليزي «دافيد هيوم» تصور التراضي خيالي وغير واقعي، وأن فكره الدولة قامت بالأساس على الغزو والاستبداد، ويتفق معه في ذلك «هيجل»، أما العالم الاقتصادي «أدم سميث فيري» يرى أن مهمة الدولة الأساسية هي حماية ثروات الأغنياء من الفقراء.

ولكن لنذهب إلى رأي أكثر واقعية، وهي وجهة نظر «جون استورت ميل»، فهو يرى أنه يكفي فقط تحقيق المنفعة لإقامه النظام السياسي، وهذا الرأي هو الأقرب للتصديق، لأن فكرة العقد غير واقعية من وجهة نظري، فإن لم تكن هناك منفعة ما الذي سيجبر الأبناء على الالتزام بعقد أبرمه الأجداد يومًا ما؟!

أظن بالعودة إلى التساؤل الأساسي «هل تقوم الدولة بدورها أمام الأزمة الاقتصادية؟»، كما سبق وأوضحت أنا لا أملك الإجابة، تكفيني القصة، وحتى إن ملكتها فأنا لا أرى أني أملك الحق في إلزامك بها و طرحها لك على أنها نتيجة حتمية وحقيقة مطلقة، فأنا أؤمن من صميم قلبي أن أصل شرور البشرية يكمن في الاعتقاد بأن هناك حقيقة واحدة وأن أحدنا يملكها، فهذا هو سر أزمتنا في الأساس، وعلى البشرية أن تعي أنها إن لم تتوقف عن الإيمان بالمطلقات وتبني صراع المطلقات فلا سبيل لها للنجاة.

وتقديمي لفكرة بهذه الطريقة قد يبدو أنه تجريد للوضع من التعبيرات القومية والأحاسيس الوطنية والانتماء وكل هذه المسميات التي تجعل السلام الوطني يدوي في الأرجاء، ولكن إن لم يكن الوطن هو المكان الذي يقدم لي ما لا يقدمه غيره من الأمان فماذا يكون؟ وإن لم تعد علينا المنفعة كيف يمكن أن ننتمي وأن نضحي وأن نشعر من الأساس؟

وكما قلت، أنا لا أقدم الإجابات، فأنا مجرد حكاء أعرض القصص وأتركك تبحث وحدك وبنفسك عن الإجابة.

1 تعليق

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة