سجن البكارة وقتل النساء تحت مسمى جرائم الشرف

في مصر نحن النساء نعيش داخل قفص يسمى بسجن غشاء البكارة، وقانون يساعد على الإفلات من العقاب بتخفيف العقوبات في جرائم القتل المسماة اعتباطًا بجرائم الشرف.

في  منتصف 2020 حكمت محكمة مصرية على أم قتلت ابنتها غير المتزوجة في «جريمة الشرف» بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، طبقًا للمادة (55) والمادة (117) من قانون العقوبات المصري، التي تجيز عند الحكم في جناية أو جنحة أن تأمر في الحكم ذاته بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود لمخالفة القانون مرة أخرى.

ربما بالفعل لن تُكرر تلك السيدة فعلتها، فالإبنة ماتت بالفعل، لكن أن تفلت من العقاب القانوني المُستحق لتلك الجريمة هو بمثابة ضوء أخضر من المسئولين عن تطبيق القانون لتكرار هذا الفعل من آخرين.

وهنا تكتمل الدائرة بالحديث عن سمعة الفتيات، وترديد عبارات مثل «غسل العار» و«الانتقام للشرف» و«رفع الرأس»، ووصفها بـ«سيئة السمعة» أو«المشكوك في سمعتها»، وتبرير الجرائم بأنها كانت من أجل «تصحيح السلوك»، المقنن مجتمعًا وقانونيًا، حيث لا ينظر القانون لجرائم العنف ضد المرأة بعين العدالة التي تخلق مجتمعًا آمنًا للنساء والفتيات، لكن ما يحدث هو أن الفتيات والنساء يُقتلن من دون محاسبة، تحت مظلة «تصحيح السلوك».

نكاد نكون اعتدنا الشك المجتمعي الدائم في سلوك الفتيات، وطوال الوقت نسعى جاهدين لمحاربة تلك الأفكار، ولكن أن يتم قبول مسميات كتصحيح السلوك، وأن ترد نصًا في تحريات المباحث لقضايا العنف الأسري! فهل نحن أمام وصاية مجتمعية؟ أم هناك ما يُسمى بتصحيح سلوك للفتيات والنساء في القانون؟ هذا المصطلح الذي يلاحق الفتيات مجتمعيًا وقانونًا، ويُبيح ويُشجع تصحيح سلوكهن بالضرب!

لا تلتفت التحقيقات إلى ما يثبته تقرير الطب الشرعي من آثار تعذيب ظاهرة على أجساد الفتيات، أو إلى احتجازهن تعسفيًا وحرمانهن من الخروج، وتعتمد النيابة العامة مبدأ «انتفاء الشبهة الجنائية». وبالرغم من كثرة وتزايد حالات العنف الأسري و«جرائم الشرف» المنشورة على وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية، تظل آلاف غيرهن وراء الأبواب المغلقة، بينهن من قُتلهن نتيجة التعذيب المباشر. فما الذي يُخلي مسئولية الأهالي عن موت الفتيات؟ وكيف تنتفي الشبهة الجنائية؟

ولنتسائل أيضًا، إذا كانت الفتيات المحتجزات مقيدات الحرية تحت تصرف محتجزيهم، وحدثت الوفاة نتيجة الضرب أو الاحتجاز أو سوء حالتهن النفسية، أو محاولتهن الهرب من التعذيب لتكون نهايتهن الموت، فما وضع القانون المصري من تلك الجرائم؟

حيث حدد القانون المصري الاحتجاز بدون وجه حق إذا اقترن بتهديد بالقتل أو بتعذيب بدني، ويصبح بذلك جناية يُعاقب عليها بالسجن المشدد طبقًا للمواد 280 و 282 من قانون العقوبات، بمعنى أن تكييف الواقعة جناية وليست جنحة، والتكييف القانوني الصحيح بحسب الآراء الفقهية – في واقعة الاحتجاز دون وجه حق المقترنة بتعذيب بدني ومقترنة بجنحة استعمال قسوة – معاقب عليها بالمادة 129 عقوبات، ومقترنة بجنحة ضرب المعاقب عليها بالمادة 241 يكون تكييفها «جناية»، وخاصة إذا كانت الواقعة ثابتة بتقارير أو كاميرات أو شهود رؤية.

وأخيرًا، إن دائرة العنف التي خلقها المجتمع والقانون حبست الفتيات والنساء داخل سجن غشاء البكارة، وبررت قتلهن من دون محاكمات عادلة وناجزة. ونأمل أن تتبنى الدولة آلية لتوفير الحماية في قضايا العنف الآسري وقتل الفتيات والنساء تحت مسمى جرائم الشرف، ومراجعة القوانين، وتحقيقات نيابة أكثر عدالة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة