نساء يصنعن التغيير.. هل تخلفت النساء عن المسار الثوري؟

تتوقف النساء يومًا عن التغيير، وفي ذكرى ثورة يناير لا زالت نساء مصر وكل البلدان العربية مستمرات في ثورتهن. وبعدما كان طموحهن مرتفعًا وقت الثورة، حين سعين للعدالة الاجتماعية فعلًا وليس قولًا، اصطدمن بواقع لا تحصل فيه النساء سوى على القشور، بل ووجدن أنهن لا يعانين فقط من الأنظمة الحاكمة، ولكن من شركائهم في الثورة أيضًا، في ظل نظام مجتمعي مستبد يرفض حقها في الاعتراض، ويسوف صراعاتها، ويراها في ذيل قائمة الأولويات.

وفي ذكرى ثورات الربيع العربي كما عهدنا تسميته، علينا أن نتذكر أن النساء مستمرات حتى اليوم في ثورة مجتمعية، نلن فيها بعض المكاسب الضئيلة، بعد صراعات عنيفة وطويلة. معركة فكرية وحقوقية كافة أطرافها يحتقرون مطالب النساء ويقللون من دورهن الاجتماعي، ويستخدمون أدوات السلطة الأبوية لإسكات أصواتهن.

شاركت النساء بكثافة في ثورات «الربيع»، ووقفن جنبًا إلى جنب مع شركائهم في الوطن، وازدادت مشاركتهن السياسية منذ 2011، وواجهن مع الحراك السياسي وقتها نبذًا مجتمعيًا وتهميشًا وإهانات لتواجدهن على الأرض، كما تعالت الأصوات بـ:«قضايا النساء ليست أولوية»، حين طالبت الرفيقات الحديث مثلًا عن التحرش كقضية أساسية ومطلب حق داخل الميدان!

منذ اندلاع ثورة يناير أخذت نساء مصر على عاتقهن مسؤولية التغيير المجتمعي، وحققن مكاسب مستحقة، أولها وضع قضاياهن على مائدة الحوار، وتمكين المشاركات في المشهد السياسي من التواجد ورفع صوتهن. ولم تتوقف النساء يومًا عن السعي،  وأخذن يرفعن سقف المطالبات بحقهوقهن، رغم تخلي الكثير من المشاركين في المشهد السياسي والمجتمعي عن التضامن والدعم الفعال لقضايا النساء، ووقوفهم كمتفرجين مهللين بأصوات معارضة لتمسُّك النساء بقضاياهن واستمرارهن في الحراك للحصول على مكاسب أكثر، متهمين النساء بالتخلي عن القضية السياسية والتمحور حول ذواتهن.

وهو ما يجعلنا نقر بأن المرأة المصرية قد نجحت بالفعل في اختبار معدلات الحرية والديمقراطية المكتسبة بعد ثورات الربيع العربي، خاصة في مصر، حيث أن الأبوية التي طغت على تصرفات الأنظمة الحاكمة وقتها لم تختلف كثيرًا عن حقيقة الأبوية التي تعامل بها المجتمع ككل، وخاصة المشاركين أصلًا في المشهد السياسي، مع اختلاف المظهر العام وأدوات الخطاب. وقد يكون مهما أن نتذكر أن استمرارية النساء في ثوراتهن بمثابة دليل ومؤشر على حجم تأثيرهن في الحراك السياسي الأول، وحجم تأثير ما عانين منه من إحباط يسري في أوساط النساء – خاصة النسويات بينهن- خلال العقد الماضي، فيما يخص الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

تلك الاستمرارية التي دفعت المشرع لتعديل قوانين أهمها الخاصة بالتحرش الجنسي والختان، وهي ما جعلت الآن الحديث عن قانون جديد للأحوال الشخصية أولوية، بعد 100 عام من قانون عفا عليه الزمان. إن استمرارية النساء هي التي فتحت الأبواب للحديث عن قضايا الانتهاك الجسدي والجنسي المنسية، التي لم يعاقب فيها المجرم ولم ينال جزاء فعلته، وهي التي دفعت الناجيات للحديث بصوت عالٍ عن حقيقة الأوغاد في هيئة بشر لينالوا عقابهم أمام القانون، مطمئنين أن هناك مجتمعًا كاملًا من النساء ورائهن، يدعمهن، ويصدق ما يحكونه. تلك الاستمرارية التي حمت النساء من الوصم والضغط للتوقف عن فتح الملفات المجتمعية والقانونية التي تعاني منها، والصراع المستمر مع الخطاب الديني المحقر لهن والمتحيز ضدهن.

في ذكرى ثورة يناير، تتذكر النساء أحلامهن الضائعة لوطن حر يعشن فيه أحرارًا، يمتلكن حقوقًا مساوية للرجل، لتقف بجانبه مدافعة عن أحلامهم المشتركة، لا تخاف من وعد زائف أو من سرقة أحلامها.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة