أدان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، بينها قرض صندوق النقد الدولي التي أقدمت عليه الحكومة المصرية، وهو ما أسفر عن ارتفاع غير مسبوق في سعر الدولار مقابل انهيار في سعر الجنيه، محملًا السياسات الحكومية المتبعة المسؤولية الكاملة عن تردي الأوضاع، نتيجة التمادى في سياسة الاستدانة الواسعة، وتبديد الموارد كلها على مشروعات ترفية غير مدروسة وغير منتجة.
وأشار الحزب، في بيان الأربعاء، إلى أن هذا التراجع الخطير لقيمة العملة المصرية بمثابة تعبير واضح عن الفشل الفاضح للسياسات الاقتصادية للحكم في مصر، وتعارضها بشكل سافر مع مصالح غالبية المصريين الساحقة، ما يرتبط بزيادة معدلات التضخم والغلاء بما تجاوز ٢٠ % وفقًا للبيانات الرسمية، وزيادة أسعار الطعام والمشروبات الأساسية بالنسبة لعموم المواطنين بنسبة ٣٠.٩ %، وبما يفوق ذلك في تقديرات واقعية أخرى، بحسب البيان، الذي لفت إلى أن ذلك كله يكشف عن عمق الأزمة التي يعاني منها المواطن المصري، والتي أصبحت تمس الاحتياجات المعيشية الضرورية للغاية، وتؤدي لزيادة معدلات الفقر.
كما انتقد الحزب الاتفاق الجديد مع صندوق النقد من أجل قرض وصفه بالـ«هزيل»، والذي يفرض الصندوق بموجبه وصاية كاملة على الاقتصاد المصري، يشترط معها خفض الجنيه بدرجة غير مسبوقة، وبيع كل الأصول المصرية الرابحة للدائنين، الأمر الذي وصل إلى حد خصخصة شركات كبرى رابحة ومرافق استراتيجية، كشركات البنية التحتية والموانئ، وصولًا لكارثة لقناة السويس.
وأكد الحزب في بيانه أن أي إجراءات مؤقتة للتخفيف من الآثار شديدة السلبية للإجراءات الراهنة ينبغي أن تمتد أولًا وقبل أي شئ آخر للتخفيف من وطاة الأزمة على الشرائح الشعبية، وفي المقدمة أصحاب الدخول الثابتة من أجور ومعاشات، مطالبًا بتقرير زيادات ملموسة فيها بالتناسب مع الزيادات المنفلتة في معدل التضخم والغلاء.
وقال بيان الحزب: «تابع الشعب المصري أمس الإعلان عن خفض جديد لسعر صرف الجنيه المصري، وزيادة السعر الرسمي في البنوك بما تجاوز حاجز 26 جنيهًا للدولار، وتجاوز اليوم الـ٢٧ جنيهًا، ومازال الخط البياني صاعدًا، بما ينذر بمزيد من الانخفاض، وتواكب مع ذلك الإعلان عن رفع سعر الفائدة على المدخرات في البنوك لمستوى غير مسبوق في التاريخ الاقتصادي والسياسي المصري، وصل إلى ٢٥ %».
وتابع: «ويهمنا التأكيد أن هذا التراجع الخطير لقيمة العملة المصرية إنما هو تعبير واضح عن الفشل الفاضح للسياسات الاقتصادية للحكم في مصر، وتعارضها بشكل سافر مع مصالح غالبية المصريين الساحقة من طبقات شعبية ووسطى. إن هذه السياسات قد عرضت قيمة العملة المصرية للتآكل عبر موجتين كبريين لتعويم أو خفض سعر صرف الجنيه المصري، في خلال ست سنوات فقط، في عام ٢٠١٦ ، ثم ٢٠٢٢- ٢٠٢٣، وفقد الجنيه المصري في الموجة الأخيرة ما يقرب من ٧٠ % من قيمته في تسع أشهر فقط منذ مارس الماضي».
واستكمل البيان: «وارتبط بذلك زيادة معدلات التضخم والغلاء بما تجاوز ٢٠ % وفق البيانات الرسمية، بينما زادت أسعار الطعام والمشروبات الأساسية بالنسبة لعموم المواطنين بنسبة ٣٠.٩%، والخبز والحبوب بنسبة ٥٠.١ %، وبما يفوق ذلك في تقديرات واقعية أخرى، وكل هذا يكشف عمق الأزمة التي يعاني منها المواطن المصري والتي أصبحت تمس الاحتياجات المعيشية الضرورية للغاية وتؤدي لزيادة معدلات الفقر والفقر المدقع».
وحمل البيان «السياسات الحكومية المتبعة المسؤولية الكاملة عن هذا التردي. فقد تمادى الحكم في سياسة الاستدانة الواسعة وتبديد الموارد كلها على مشروعات ترفية غير مدروسة وغير منتجة، ورهن في النهاية مقدرات البلاد للدائنين وممثلهم الأول صندوق النقد الدولي».
وتعليقًا على قرض صندوق النقد، قال التحالف: «واليوم عاد الحكم لاتفاق جديد مع الصندوق، من أجل قرض جديد هزيل يفرض الصندوق بموجبه وصاية كاملة على الاقتصاد المصري، يشترط معها خفض الجنيه المصري بدرجة غير مسبوقة، وبيع كل الأصول المصرية الرابحة للدائنين، وبينما تتكتم الحكومة على تفاصيل ذلك الاتفاق المشؤوم بالمخالفة للدستور الذي يلزمها بالحصول على موافقة مسبقة من مجلس النواب قبل الحصول على أي قروض، فضحتها تصريحات معلنة للسيدة فلادوفكا هولار رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، في حديث لها لوكالة رويترز، أكدت فيه أن الحكومة المصرية وافقت على برنامج خصخصة الأصول الذي طرحه الصندوق، والذي أوصل الأمور لخصخصة الشركات الكبرى الرابحة والمرافق الاستراتيجية كشركات البنية التحتية والموانئ، وصولًا لكارثة لقناة السويس ذاتها، بما يعري الحكومة المصرية، ويكشف تمامًا أن كل ما تقوم به من إجراءات لا ينبع من سياسات وطنية بل من سياسات مملاة عليها من الدائنين، على الرغم من دعوة كانت موجودة لحوار وطنى حول كل تلك القضايا ، تجاهلها الحكم الذى أطلقها طول الوقت».
وأوضح: «نؤكد مرة أخرى أننا طرحنا المرة تلو المرة سياسات اقتصادية وطنية إنقاذية، وكان بينها برامج إنقاذ طرحه حزبنا؛ حزب التحالف الشعبى الإشتراكي، وكذلك أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية مجتمعة. وقد تضمنت تلك البرامج في جانب الانقاذ العاجل مقترحات واضحة تجاهلهتها الحكومة، من بينها : إلغاء كل مايسمونه صناديق خاصة قديمة ومستحدثة وضمها جميعا للموازنة العامة للدولة، وإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة لتعظيم الإيرادات وتقليل الإنفاق، ومراجعة كل المشروعات الحكومية الجاري تنفيذها والمتعاقد عليها لتحديد جدواها الاقتصادية، والتوقف عن سياسة رفع سعر الفائدة جريًا وراء الأموال الساخنة التي تهرب من البلاد عند أول منعطف، وإلغاء كل القوانين التي تحصن الفساد بمنع التقاضي وإدارة الاقتصاد بالأمر المباشر، ووضع سقف لا تتجاوزه الاستدانة الخارجية، ورفض خصخصة أصول الدولة الاستراتيجية من موانى وسكك حديدية وقناة سويس وخلافه».
واستكمل البيان: «ولكن الحكم في مصر أصم أذنيه عن كل الآراء الوطنية المخلصة، رغم وجود دعوة لم تفعل للحوار الوطني، وأصر على المضي في هذا المسار المدمر الذي يؤدي لخفض مستوى معيشة كل أصحاب الأجور والمعاشات ووضعهم تحت خط الفقر، وتلحق الضرر الكبير بكل القطاعات الاقتصادية المنتجة، بعد وصول معدلات الفائدة لهذه المستويات التي تؤدي لوقف الإنتاج وتعميم الانكماش والركود الاقتصادي. ونذكر هنا بأنه سبق منذ أسابيع أيضًا إلغاء مبادرة الفوائد المدعمة للقطاعات الإنتاجية والصناعية، التي كانت تتيح تمويلًا ميسرًا بفائدة ٨% فقط، واليوم ترفع الفائدة مرة أخرى، وهذا أيضًا أحد شروط الصندوق التي تدمر الإنتاج تدميرًا».
وتابع التحالف: «ونؤكد مع ذلك أن تفكير الحكومة فعليًا على ضوء هذه الزيادة غير المتوقعة في حجمها هو في جذب الأموال الساخنة التي زعموا أنهم تعلموا الدرس من خطورتها، ولكن ذلك لن يؤدي لأي ثمرة مرجوة، لأنها الآن تفضل الفائدة المرتفعة في أمريكا، بينما سيؤدي على العكس لارتفاع ضخم في أعباء خدمة الدين الحكومة الهائل، وبالتالي مزيد من الارتفاع لمعدلات التضخم. وجدير بالذكر أن وزير المالية سبق له التصريح بأن زيادة فى الفائدة بنقطة مئوية واحدة تؤدى لزيادة أعباء خدمة الدين الحكومة بمقدار ٣٠ مليار دولار، وبالتالي لنا أن نتصور مقدار الزيادة الضخمة فى أعباء الدين الحكومى نتيجة الزيادة المنفلتة لأسعار الفائدة».
واختتم: «خلاصة القول أن استمرار هذه السياسات المدمرة والمعادية للشعب لن يؤدي سوى لتفاقم الكارثة المحدقة، ولا يوجد أي خيار أمام كل المصريين المخلصين سوى السعي بكل العزم لوقفها فورًا وتغييرها من أجل سياسات وطنية مسؤولة منحازة للشعب المصري، وفي جميع الأحوال فإن أي إجراءات مؤقتة للتخفيف من الآثار شديدة السلبية للإجراءات الراهنة ينبغي أن تمتد أولًا وقبل أي شئ آخر للتخفيف من وطاة الأزمة على الشرائح الشعبية، وفي المقدمة أصحاب الدخول الثابتة من أجور ومعاشات، ويتعين تقرير زيادات ملموسة فيها بالتناسب مع الزيادات المنفلتة في معدل التضخم والغلاء».
من ناحية أخرى، كشف مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، في تصريحات اليوم السبت، عن تضامن الحزب مع الأصوات المسؤولة بداخله ومن أحزاب الحركة المدنية عمومًا، إلى مراجعة موقف الحركة من الحوار الوطني، وتجميد المشاركة فيه، في ظل اندفاع مؤسسات الحكم فى اتخاذ قرارات اقتصادية بالغة الخطورة، مع تسارع خطوات بيع ورهن الأصول الإنتاجية للاقتصاد والمرافق الحيوية للبلاد، وغياب الانفراجة السياسية الموعودة فى إصلاح النظام السياسى لتمكينه من مواجهة الأزمات، إقرارًا بالحق فى التعددية والتنوع، وإعمالًا لمبدأ تداول السلطة وحرية الفكر والتعبير، وتعزيزًا للتنافسية فى النظام السياسى، وفتحًا لأبواب الأمل فى تغيير ديمقراطى سلمي.
وأوضح الزاهد أن مؤسسات الحكم التى دعت للحوار كان من المفترض أن تستمع لرأي المعارضة قبل أن تندفع فى هذا الاتجاه، ولكنها على العكس من ذلك دعت لمؤتمر اقتصادى حددت بإرادة منفردة أجندته وأهدافه والمشاركين فيه، مشيرًا إلى أن الحركة المدنية نبهت فى حينه إلى خلافها مع هذا الأسلوب، ومع المؤتمر الاقتصادى ومخرجاته، كما حذرت من مخاطر التعويم ومبادلة الأصول بالديون، ومن توجهات تضمنتها وثيقة ملكية الدولة.