نسوية يمكنها الضحك.. أجمل ما قيل في الجندر

لم أستطع حتى اليوم أن أتغاضى عن كلمات صنعت فرقًا في حياتي النفسية والاجتماعية، كلمات لا أظن أن أصحابها عرفوا أنها من الممكن أن تؤذيني بهذا الشكل، وتغيرني بهذا الشكل، فمن غير المتوقع دائمًا أن تكون الكلمات بهذه الصعوبة من الأصدقاء، لأنهم اختيارنا، عندها تصفع  نفسك لئلا تختار من هذه العينة مرة أخرى.

كنت وسط أصدقائي دائمًا مختلفة الفكر حادة الطباع مباشرة في تحديد أولوياتي، أملك حرية تعبير أمام أي شخص، وكان هذا ما لم ينتبه له عقلي وقتها، على عكس معظم من حولي يخافون مني ومن ردود أفعالي، ومن اختياري أن أعيش حياتي كما يحلو لي في مجتمع محافظ هكذا. وعلى الرغم من أن هذا حلم أي إنسان، وعلى الرغم من أنه ما يتمناه الجميع، هو أيضًا الهاجس والتخوف الوحيد لدى البشرية، الحرية وعكسها.

في هذا الوقت كان معظم أصدقائي من الذكور، في الوقت الذي تلى ثورة ٢٥ يناير مباشرة، كان حلم التغيير ما زال يدفئ قلوبنا جميعًا شباب وفتيات، وما حدث قد كان، في يوم من الأيام في جلسة من الجلسات نفث صديق من الأصدقاء بنميمة لي وحدي، ألا وهي أن فلان هذا لا يريد أن تتعرفي على خطيبته، وفلان ذاك لا يريد أن تتعرفي على صديقته، وبمنتهي التلقائية و التعجب سألت لماذا؟ فكان الرد: «خايفين عليهم لتلعبي في دماغهم وتعرفيهم على حوارات حقوق المرأة والكلام ده». وكان هذا #أجمل_ما_قيل_في_الجندر بالنسبة لي.

كان أول ما ترسخ في ذهني وقتها كيف لأصدقاء بهذا القرب يطلقون على أنفسهم أنهم إخوة لي أن يكون هذا رأيهم في؟ وهل هما فعلًا كما يدعيان مؤمنان بالحرية والفكر والتغيير؟ أم هي مجرد كلمات يرددانها تماشيًا مع موضة العصر؟ ثلاث أو أربع دول بها ثورات إذًا فهذه هي الموضة في هذا الوقت. أو يمكن هذه هي إحدى طرق التقرب إلى بنت؟

كانت هناك في هذا الوقت تكهنات كثيرة، وربما لم أكن الوحيدة التي مرت بتجربة كهذه.

#أجمل_ما_قيل_في_الجندر هو هاشتاج انتشر في سوريا، وتداوله بعض الإعلاميين على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى وجه أخص المهتمين بوضع المرأة في المجتمع والعاملين في مجال حقوق الإنسان، وانتشر في أقل من يومين خلال الوطن العربي. ولم تتردد النسويات بمصر في المشاركة في الهاشتاج، من خلال نشر بعض العبارات التي ترددت علي أسماعهن في يوم ما عن طريق شخص ما، لا يقصد بها سوى التنمر والتقليل من شأنهن، مما يتسبب لهن بالأذى النفسي أحيانًا، وأحيانًا أخرى يختارون الرد بطريقة مثل هذا الهاشتاج.

و«جندر» هي كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني، وظهر المصطلح في السبعينيات من القرن العشرين. ويعني الجندر في الإطار اللغوي «جينس»، أي الجنس من حيث الذكورة والأنوثة. وكانت «آن أوكلي» هي التي أدخلت المصطلح إلى علم الاجتماع، وتوضح «آن» أن كلمة جنس تشير إلى التقسيم البيولوجي بين الذكر والأنثى، بينما يشير النوع «الجندر» إلى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة اجتماعيًّا إلى الذكورة والأنوثة.

بعض مما كتب:

– اخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك.

– إن مات أخوك انكسر ضهرك، وإن ماتت أختك اتستر عرضك.

– ضل راجل ولا ضل حيطة.  

– إيه ده طلعتي بتعرفي تهزري و تضحكي، كنت فاكرك فيمنست طلعتي كويسه أهو.

– والله يا فاطمة لو مكنتيش محامية كان ارتبط فيكي.

 – أنا نفسي أنتخبك ومقتنع بيكي بس خايف منك عشان أنتي نسوية.

وآلاف المنشورات والتغريدات التي تحمل هاشتاج «أجمل ما قيل في الجندر»، وانفجرت السوشيال ميديا بمعاناة المرأة من سماع جمل تشعرها وكأنها أقل شأنًا من الرجل. وجاءت بنت سورية بكتابة منشور متأثرة به من عابر سبيل، وهي تعمل بمطعم متنقل في الشارع، حيث كتبت:

«أكبر مدح ممكن توصليله بحياتك: ما شالله عليكي بـ100 زلمة. هاي أكبر وحدة قياس، و100 أكبر عدد.». كأن أكبر وحدة قياس للقوة هي الرجل، وأكبر عدد يمكن للمرأة تحمله هو المائة، هل يمكنك تخيل كم المعاناة التي تخوضها هذه البنت يوميًا من المنزل إلى مكان عملها، وهي تعيش في بلد تعاني حتي الآن وأوضاعها غير مستقرة؟ و بالرغم من ذلك تسعي من أجل الرزق ولقمة العيش، التي تحاول كل يوم أن تحصل عليها وسط كل ذلك الخراب، ويصبح الدعم النفسي الوحيد هو التقليل من شأنها ومقارنتها بمئة رجل. يمكن أن يكون هذا الهاشتاج تنفسية للكثيرين، ويمكنه أن يغير ولو القليل..

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة