نوادر مونديالية (1)

انطلقت بطولة كأس العالم «قطر2022»،  وشاهد تقريبًا نصف سكان الأرض حفل الافتتاح، بينما استعدت الدول المشاركة بأجهزتها ولاعبيها للمعترك العالمي، واستعد كافة المتابعين، سواء المتخصصين في مجال كرة القدم، أو المشجعين المتحمسين للمباريات، وحتى المتابعين العاديين، للاستمتاع بالتباري المُنتظر بين كبرى المنتخبات العالمية ونجوم الصف الأول من اللاعبين.

 لم تخلوا أي بطولة لكأس العالم من الأحداث والنوادر التي تكون عادة خارج سياق البطولة كمباريات ونتائج، وذلك منذ انطلاق أول كأس عالم في دولة أوروجواي عام 1930، والذي شهد أحداث عنف وشغب وإطلاق للرصاص في مباراة بين الأرجنتين وفرنسا، واشتبكت قوات الشرطة الأورجوانية مع الجماهير الأرجنتينية وبعض جماهير منتخبهم المتعاطفة والمشجعة للفرنسيين، حتى أن حكم المباراة النهائية البلجيكي «لانجنيوس» رفض إدارة النهائي إلا بعد الحصول على ضمانات من حكومة أوروجواي بالمحافظة على حياته.

وكان لهذه البطولة نجم شعبي كبير، وهو «هيكتور كاسترو»، هذا النجم الأوروجواني الذي اكتسب شعبيته ليس لكونه الأمهر أو الاكثر تهديفًا ولكن لأنه كان بذراع واحد، وأطلقت عليه الجماهير الأورجوانية لقب «المانكو» أي ذو الذراع الواحد. ونجح «كاسترو» في المباراة النهائية من تسجيل هدف وصناعة هدفين، لتنتصر أوروجواي على الأرجنتين 4/2، وتفوز بلقب أول بطولة لكأس العالم.

وفي البطولة التالية عام 1934 بإيطاليا بدأت الأحداث والنوادر منذ التصفيات، حيث لعبت إيطاليا الدولة المنظمة التصفيات التمهيدية مع اليونان، ومن حسن الحظ أنها فازت لأنها إذا خسرت ما كانت اشتركت في البطولة التي تنظمها. وشهدت هذه النسخة طموحات الدوتشي «موسوليني» الذي وجدها فرصة عظيمة لتمجيد النظام الفاشي، واستغل المناسبة الرياضية الكبرى لدعم مكانة نظامه السياسي، وكان ذلك أول تسييس للرياضة بشكل واضح وصارخ، حيث كان الإعلان الرسمي للبطولة عبارة عن لاعبًا يؤدي السلام الفاشي على منصة تحمل اسم إيطاليا. وكانت أوروجواي حاملة اللقب قد اعتذرت عن المشاركة في البطولة ردًا على مقاطعة بعض الدول الأوروبية للبطولة الأولى التي نظمتها، كما شهدت هذه البطولة الظهور الأول للمنتخب المصري بكأس العالم.

وفي عام 1938 نظمت فرنسا تلك النسخة من كأس العالم، وشهدت البطولة حصول اللاعب البرازيلي «ليونيداس» على لقب هداف البطولة برصيد 8 أهداف، منهم 3 أهداف في مرمى المنتخب البولندي وهو حافي القدمين، حيث خلع حذائه بعد سقوط الأمطار على ملعب المباراة حتى يوقف انزلاقاته المتكررة بحذاء الكرة، ليصبح أول وآخر لاعب يلعب حافيًا بكأس العالم. وكان بنفس فريقه ظهير أيسر اسمه «ناريز»، كان طبيبًا متخصصًا في جراحات العظام، وكان يقوم بمعالجة زملائه ومنافسيه من إصابات الملعب، وقد تعرض لكسر في معصمه أثناء مباراة «تشيكوسلوفاكيا».

وأُلغيت بطولة عام 1942 بسبب أحداث الحرب العالمية الثانية، واستمر إيقاف البطولة حتى انتهت الحرب وبعض من آثارها في أوروبا، وعادت من جديد عام 1950 ولكن خارج القارة العجوز، حيث أقيمت بالبرازيل بلاد السامبا. وفي تصفيات تلك النسخة عادت فرق بريطانيا العظمى «انجلترا – اسكتلندا – ويلز – إيرلندا» للعب تحت راية الاتحاد الدولي، بعد مقاطعة لعدة عقود، لاقتناع بريطانيا بأنهم رواد كرة القدم وأسياد اللعبة، حتى أنه عندما وصلت برقية هزيمة إنجلترا من أمريكا 0/1 في البطولة قال الإنجليز إن هناك خطأ بالتأكيد، وإن النتيجة 10/1 لانجلترا، وإن المرسل نسى أن يكتب الواحد بجانب الصفر.

وفي تلك البطولة أصيب اللاعب «رايكوميتيتش» لاعب منتخب يوغوسلافيا، عندما اصطدم رأسه في سيخ حديد داخل ملعب الماركانا من آثار البناء والتجديدات.

ونظمت سويسرا في عام 1954 أول بطولة لكأس العالم بالقارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، وهي أيضًا أول بطولة تُنقل عبر شاشات التليفزيون، ولهذه البطولة رواية تاريخية عن «جوزيف هربرجر» المدير الفني لمنتخب ألمانيا الغربية حينذاك، حيث خسر أمام المجر في مباراة المجموعة بنتيجة 8/3 عن قصد، فلعب تلك المباراة بالفريق الاحتياطي وبدون نجومه الكبار، حتى لا يكشف أوراقه الفنية أمام منتخب المجر القوي والمُتوقع وصوله للنهائي، وبالفعل تحقق ذلك ونجحت خططته وفاز على المجر 3/2 في المباراة النهائية.

واستمرت البطولة في الأراضي الأوروبية، وأقيمت في السويد عام 1958،  وشهدت هذه البطولة أكثر المباريات ألمًا وهي مباراة المجر وويلز، التي لُعبت بعد يوم واحد من إعدام قائد الثورة المجرية ضد روسيا والشيوعية «إيمري ناجي»، وتصادف أن حكم المبارة كان روسي الجنسية.

وبعد نهاية البطولة قرر الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم حرمان عشرة لاعبين من لاعبي المنتخب من ممارسة كرة القدم مدى الحياة كعقاب لهم عن خروجهم من الدور الأول من تلك البطولة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة