انتهاكات إدارية وأمنية تلاحق العاملين بماسبيرو

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير الانتهاكات الأمنية والإدارية التي تعرض لها العاملون في مبنى ماسبيرو خلال الشهور الماضية، تحديدًا منذ يناير 2022 وحتى الآن، وذلك في تقرير لها بعنوان «العقوبة أولاً».

تناول التقرير الانتهاكات الأمنية التي تعرض لها العاملون، وإدانتهم بتهم سياسية لا تتعلق بحقيقة ما حدث، فضلًا عن التنكيل الإداري بآخرين؛ من وقف عن العمل بشكل تعسفي دون المثول للتحقيق، وتجميد مستحقاتهم المالية، وإحالة عدد منهم إلى التحقيق أمام النيابة الإدارية، ‏بالإضافة إلى التهديدات ‏المستمرة من قبل مسؤولين بالهيئة بالاعتقال أو الحبس، كما حدث مع هالة فهمي الإعلامية بالتلفزيون المصري، والصحفية ‏بمجلة الإذاعة والتلفزيون صفاء الكوربيجي.

ماذا حدث في ماسبيرو؟

بحسب التقرير؛ خرج العاملون في مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون مع بداية شهر يناير الماضي في احتجاجات واسعة، اعتراضًا على تردي ظروف عملهم وتدني مستويات الأجور، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية المتراكمة، ورفضًا لقرارات حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، بمد ساعات العمل إلى سبع ساعات يوميًّا، ولمدة خمسة أيام أسبوعيًّا، ما اعتبره العاملون سببًا في تفجّر كل هذا الغضب، حيث رأوا وفقًا لما رصدته المؤسسة أن الهدف من تلك القرارات هو دفع أكبر عدد ممكن منهم إلى ترك وظائفهم.

في المقابل، تضامن عدد من العاملين في القنوات الإقليمية وقرروا الانضمام إلى زملائهم في ماسبيرو، وبالفعل قام عدد من العاملين بالمحافظات المختلفة بالسفر إلى القاهرة للانضمام إلى الاحتجاجات، لكنهم منعوا جميعًا من دخول مبنى الهيئة الوطنية للإعلام، كما رفض أمن ماسبيرو دخولهم.

واستمرت الاحتجاجات حتى مارس، وطالب المحتجون بعودة وزارة الإعلام بكامل صلاحيتها للإشراف على كافة المجالس والهيئات الإعلامية الثلاث، وتعيين وزير إعلام ذو خلفية إدارية قانونية، مع إعادة صياغة قانون إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام بما يشمل استعادة حق البث الفضائي والأرضي لصالح الهيئة الوطنية للإعلام دون غيرها، وفقًا لبيان صادر عنهم يوم 11 فبراير الماضي.

انتهاكات أمنية وإدارية

كما رصد التقرير العديد من الانتهاكات الأمنية والإدارية التي وقعت في حق العاملين، مع استمرار الاحتجاجات وتصاعدها.

ففي 6 مارس الماضي، أصدر رئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتليفزيون بالإنابة، ورئيس التحرير خالد حنفي، قرارًا بإنهاء خدمة الصحفية صفاء الكوربيجي، سكرتير تحرير في المجلة، لانقطاعها عن العمل بدون إذن أو عذر مقبول، اعتبارًا من يوم 1 يناير حتى 6 مارس 2022، رغم إنذارها على محل إقامتها الثابت بملف خدمتها أكثر من مرة، وفقًا لنص القرار.

تقدمت الكوربيجى بتظلم إلى مجلس نقابة الصحفيين ضد قرار إنهاء خدمتها من عملها، وأكدت  فيه بطلان القرار لعدة أسباب، منها أنه لم يتم إنذارها بعد انقطاعها عن العمل أكثر من 7 أيام طبقًا لنص المادة 100 من القانون 48 لسنة 1978، والذي يخضع له الصحفيون بالمجلة.

 وأشارت الكوربجي إلى أن لديها ظروفًا صحية خاصة، ينطبق عليها قرار رئيس الوزراء الذي يمنحها الحق في الإعفاء من الحضور والانصراف، وبالتالي فقرار إنهاء خدمتها هو قرار تعسفي ولا سند قانوني له، ولكونها صحفية من ذوي الهمم ينطبق عليها نص المادة 62 من اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018.

 وفي 20 إبريل الماضي، ألقت قوات الأمن القبض على الكوربيجي، وتم ترحيلها إلى سجن القناطر مباشرة، ما أثر عليها، نظرًا إلى سوء وضعها الصحي، بحسب محاميها.

وأوضح تقرير «الفكر والتعبير»  أن الكوربيجي عُرضت على نيابة أمن الدولة العليا في اليوم التالي للقبض عليها، ووجهت لها اتهامات باﻻنضمام إلى جماعة محظورة والترويج لأفكارها، وبث أخبار وبيانات كاذبة.، ولا تزال قيد الحبس الاحتياطي حتى كتابة هذه السطور على ذمة التحقيقات في القضية رقم 441 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا.

وفي 28 فبراير الماضي مُنعت الإعلامية هالة فهمي وزميلتها المخرجة وفاء بركات من دخول مقر عملهن بمبنى ماسبيرو، على خلفية قرار صادر عن الهيئة الوطنية للإعلام بإحالة هالة فهمي إلى التحقيق بناء على مذكرة مقدمة من رئيس قطاع التلفزيون، ووقفها احتياطيًّا عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، مع صرف نصف راتبها فقط، ومنعها من دخول مبنى الإذاعة والتلفزيون إلى حين انتهاء التحقيقات، وذلك رغم عدم إخطارها بالقرار أو استدعائها إلى التحقيق عبر أية وسيلة ‏رسمية أو غير رسمية. ‏جاءت القرارات في مواجهة فهمي على خلفية تضامنها ومشاركتها في احتجاجات العاملين بمبنى الإذاعة والتليفزيون- بحسب ما جاء في التقرير.

في الشهر نفسه ألقت قوات الأمن القبض على فهمي، وانقطعت كافة الاتصالات معها بعد إغلاق هاتفها لمدة يومين، قبل أن يتم إعلان القبض عليها في 24 إبريل، وعرضها على نيابة أمن الدولة العليا في نفس اليوم من دون محامٍ. واجهت نيابة أمن الدولة العليا فهمي باتهامات الكوربيجي نفسها وتم حبسها على ذمة التحقيقات في نفس القضية.

وفي سياق آخر قررت الهيئة الوطنية للإعلام إيقاف ثمانية إعلاميين بقطاع القنوات الإقليمية، بسبب تظاهرهم داخل مقرات العمل تضامنًا مع زملائهم المفصولين عن العمل، واعتراضًا على الظروف الحالية داخل القنوات ‏الإقليمية.

العقوبة أولًا

قال طلال سيف، مقدم برامج أول بالقناة السادسة، لـ«حرية الفكر» إنه: «مع بداية الاحتجاجات في شهر يناير الماضي أصدرت الهيئة الوطنية للإعلام قرارًا بخصم شهر من راتبي بدعوى التجمهر أثناء أوقات العمل. وفي شهر فبراير صدر قرار بوقفي ثلاثة أشهر عن العمل، وخصم نصف راتبي من دون أن يتم التحقيق معي، على أن تنتهي في 2 يونيو الماضي، لكني فوجئت بعد مرور فترة الإيقاف بمد القرار ثلاثة أشهر أخرى بشكل شفهي، وهو القرار الذي امتد لشهر واحد فقط، ثم عدت لمباشرة لعملي ولكن من دون الحصول على الراتب».

إلى جانب هذا فوجيء طلال بمنعه من السفر أكثر من مرة، حتى تمكن من السفر، ومن ثم فوجئ بإحالته إلى النيابة الإدارية بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وتمت مواجهته ببعض المنشورات الساخرة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وكان طلال قد تقدم ببلاغ إلى النيابة الإدارية في 8 مارس الماضي، ضد حسين زين ونائلة فاروق وآخرين، اتهمهم فيه بمضايقته وتلفيق الاتهامات له، نظرًا إلى وجود خلافات سابقة بينه وبينهم. كما تقدم بطلب تحويل التحقيق إلى نيابة طنطا رابع، ﻷنها جهة الولاية فى التحقيق لعمله بالقناة السادسة، ليفاجأ بعدها بأيام بتحويله إلى التحقيق بتهم جديدة. وطالب مقدم برامج القناة السادسة النيابة الإدارية بسرعة التحقيق فى بلاغه.

إلى جانب هذا، نقلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن عدد من العاملين في شهاداتهم، بتهديدهم بشكل مباشر من قبل أطراف مختلفة من الهيئة، بأنهم سوف يواجهون نفس مصير الإعلاميتين صفاء الكوربيجي وهالة فهمي، إذا لم يتراجعوا عما يقوموا بنشره على صفحاتهم على ‏وسائل التواصل الاجتماعي.

مطالبات بإخلاء سبيل فهمي والكوربجي وحفظ التحقيقات مع العاملين

واختتمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريرها ‏بالتأكيد على حق الموظف العام في التعبير عن رأيه بالصورة التي يراها من ‏دون مضايقة أو تعسف. وطالبت ‏الهيئة الوطنية للإعلام والأجهزة الأمنية بوقف كافة أشكال الانتهاكات الإدارية والأمنية بحق العاملين في ماسبيرو، بما يشمل إعادة ‏المفصولين منهم إلى وظائفهم وحفظ التحقيقات التي تشملهم.

 ‏كما طالبت المؤسسة النيابة ‏الإدارية بحفظ التحقيقات مع العاملين وتحريك طلبات التحقيق التي تقدم بها العاملون ضد المسؤولين بالهيئة الوطنية للإعلام، فضلًا عن مطالبة نيابة أمن الدولة العليا بإخلاء سبيل هالة فهمي وصفاء الكوربيجي، ‏وإسقاط الاتهامات الموجهة لهما والسماح ‏بعودتما إلى العمل بشكل طبيعي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة