اليوم الأول في قمة المناخ.. مطالبات بوقف الاستثمار في الوقود الأحفوري والالتزام باتفاقيات التمويل

انطلقت أمس الأحد فاعليات قمة المناخ السابعة والعشرين بمدينة شرم الشيخ، والتي تعد بمثابة أكبر اجتماع رسمي سنوي للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ.

من المقرر أن تجتمع الدول لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مشاكل المناخ في العالم، وفقاً للمتفق عليها بموجب «اتفاق باريس»، ومؤتمرات المناخ السابقة. وينعقد المؤتمر بحضور ممثلين لحوالي 200 دولة، بينهم رؤساء ووزراء ومفوضين، إلى جانب نشطاء المناخ وممثلي المجتمع المدني والرؤساء التنفيذيين، فيما يطغى على أجواء القمة التوتر بشأن الخسائر والأضرار وصناديق التعويضات التي من المفترض أن تقدمها الدول الغنية للدول النامية لمواجهة التغيرات المناخية، لا سيما وأن هذه الدول معرضة لأكبر مخاطر رغم ضئالة مساهمتها في الانبعاثات الضارة التي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض.

من أبرز الحضور الرئيس الأمريكي «جو بايدن»، والرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، والمستشار الألماني «أولاف شولتز»، والرئيس البرازيلي «لولا دا سيلفا»، ورئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون ديرلاين»، ومن المحتمل أن يغيب عن القمة الرئيس الصيني «شي جينبينغ»، والناشطة البيئية الشهيرة «غريتا ثونبرغ»، والتي أعلنت عن مقاطعتها للقمة بسبب ملف مصر في حقوق الإنسان.

أبرز تصريحات الجلسة الإجرائية

أكد وزير الخارجية المصري ورئيس القمة سامح شكري، أن مصر لن تدخر جهدًا في قيادة العمل الدولي لمواجهة تغير المناخ، مؤكدًا على أهمية تعزيز التعاون متعدد الأطراف لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، ومشددًا على أن «الوقت قد حان لتنفيذ تعهداتنا من أجل البشرية».

حذر شكري، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية الإجرائية للقمة، من أن استمرار التغيرات المناخية دون تغيير جذري سيؤدي إلى عواقب وخيمة تتحملها الأجيال القادمة، مشيرًا إلى أن الكوارث الطبيعية التي شهدناها مؤخرًا «صوت نذير» يتردد في أنحاء كوكبنا لاتخاذ جميع التدابير اللازمة.  وأضاف: «ما زلنا نواجه فجوات في توفير التمويل اللازم لتمكين الدول النامية من مواجهة تغير المناخ، والتزام الـ100 مليار دولار سنويًا لم يجد سبيلًا للتنفيذ».

فيما قال الدكتور «ألوك شارما»، رئيس قمة المناخ السابقة، إننا تمكنا من التوصل إلى «معاهدة جلاسكو» بشأن المناخ بسبب الرؤية الجماعية لأهمية هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه بمساعدة كافة الدولة تم إنجاز لائحة «اتفاق باريس»، وتم إحراز تقدم غير مسبوق في مجال الوقود الأحفوري، فضلًا عن التعهد بزيادة تمويل التكيف مع التغيرات المناخية.

أضاف «شارما» في كلمته أن الدول اتفقت أيضًا على ضرورة الدعم في مجال الخسائر والأضرار، كما تعهدت بزيادة التمويل، مذكرًا بموافقة كل الأطراف على إعادة النظر في أهداف الحد من الانبعاثات بحلول 2030، بحيث تلتقي مع «اتفاق باريس»، وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ في 2015، ومؤكدًا على أن الأمم المتحدة تسعى إلى خفض مستوى الانبعاثات الحرارية إلى 12% سنويًا.

من جانبه أكد «سيمون ستيل» الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ على أن العالم يشهد «عهدًا جديدًا بشأن التغيرات المناخية»، مؤكدًا على سعي المنظمة الدائم لتنفيذ التعهدات الدولية الخاصة بتغير المناخ. شدد «ستيل» خلال كلمته على ضرورة عدم تعطيل جهود مواجهة التغيرات المناخية، وتحويل المفاوضات إلى أفعال ملموسة، داعيًا جميع الدول بالالتزام بتعهداتها. وتابع: « علينا مد الجسور بين الدول بعضها البعض وحشد الإمكانات للتصدي لتغير المناخ، فضلًا عن تعزيز مبادئ الشفافية البيئية».

«هوسونج لي» رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قال إن التمويل قضية يجب النظر إليها بشكل آخر، موضحًا: «التفقدات المالية لا تظل قليلة مقارنة بالأهداف المعلنة، والتعاون الدولي لخفض الانبعاثات يحتاج المزيد، ولا يمكن أن نحقق المكاسب الأكبر إلا بتوفير التمويل، للبلدان الأقل نموًا». كما أكد على أهمية استمرار العمل الجماعي لدعم هدف 1.5 درجة مئوية.

الأهداف ومفاوضات الخسائر

تهدف القمة إلى تقييم التقدم العالمي المحرز في التعامل مع التغيرات المناخية، ومتابعة تنفيذ تعهدات قمة العام الماضي في «جلاسكو»، من خفض استخدام الفحم، أحد أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثًا، ووقف إزالة الغابات بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات الميثان، المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، بنسبة 30% بحلول 2030، إلى جانب تقديم خطط عمل مناخية جديدة إلى الأمم المتحدة، ومناقشة الالتزامات السابقة الخاصة بالتمويل.

تبدأ الوفود عملية تفاوض على مدى أسبوعين، وتتجه الأنظار بشكل رئيسي إلى ما إذا كانت الدول الأغنى ستوافق على إدراج مسألة التعويضات رسميًا على جدول الأعمال، فيما عبر الكثيرون عن قلقهم من عراقيل محتملة بخصوص ذلك.

وقدر تقرير صدر في يونيو عن 55 دولة معرضة للخطر خسائرها المجمعة المرتبطة بالمناخ على مدار العقدين الماضيين بنحو 525 مليار دولار، تمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي لها جميعًا، وتشير بعض الأبحاث إلى أن مثل هذه الخسائر قد تصل بحلول عام 2030 إلى 580 مليار دولار كل عام. ومن المتوقع استياء عدد من دول العالم- خاصة الدول النامية غير المسؤولة عن الاحترار والأكثر تأثرًا بتداعياته-  إذ أن مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 % من الانبعاثات العالمية لا تتحمل مسؤولياتها على صعيد الأهداف والمساعدات إلى الدول النامية، وفي قمة المناخ الماضية في «جلاسكو» لم توافق الدول مرتفعة الدخل على مقترح بتأسيس كيان تمويل للخسائر والأضرار، وأيدت بدلًا من ذلك إجراء حوار جديد على مدى ثلاث سنوات لمناقشات التمويل.

استمرار مطالب وقف الاستثمار في الوقود الأحفوري

وعلى هامش مشاركتهم في قمة المناخ؛ دعا عدد من نشطاء البيئة إلى وقف الاستثمار في الوقود الأحفوري وإصدار تشريعات لعقاب المتسببين في أزمة التغير المناخي، مشددين على ضرورة العمل بشكل جاد للتصدي للانبعاثات؛ بما يضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.

وفي هذا السياق، قالت «ليزا جولندر» خبيرة المناخ الألمانية في منظمة «جرينبيس» إن الحل الأهم لعلاج تغير المناخ هو وقف الاستثمارات في الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة من نفط إلى غاز حتى الفحم. وأضافت في تصريحات صحفية، أنه بحلول 2050 يجب أن يعتمد العالم على الطاقة المتجددة فقط.

وأضافت «ليزا» التي تشارك في قمة المناخ كوب 27 بصفتها مراقبًا للمفاوضات: «إننا نسعى للتأكد من نجاح هذه القمة، والوصول لطرق تتعامل مع المتضررين من تغير المناخ، ووضع مقترحات لكيفية تمويل تلك الإجراءات». واستطردت: «الأزمة تحدث. هناك متضررون. ويجب أن نفعل كل ما هو ضروري لمساعدتهم وتجنب زيادة تدهور الأوضاع البيئية».

شددت الخبيرة الألمانية على أن علاج الأزمة الأول والأهم هو التوقف عن تمويل مشروعات الوقود الأحفوري، لخفض انبعاثات الكربون، والتحول إلى مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة المتجددة، التي من المؤكد أنها ستكون كافية لتغطية الاحتياجات، والتوقف عن إزالة الغابات».

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة