التغيرات المناخية والصحة النفسية

من المعروف أن التغيرات المناخية تؤثر سلباً على الدول ومواردها واقتصادها، ولكن هل توثر على الصحة النفسية للبشر؟

تشير الكثير من التقارير الرسمية الصادرة عن المنظمات المعنية  إلى التأثير السلبي للتغيرات المناخية على الصحة النفسية للبشر، والتي تؤدي إلى التوتر والاكتئاب، وفي بعض الأحيان الأفكار الانتحارية، ومع اهتمام دول العالم بالتغير المناخي، وانعقاد قمة دولية سنوية لمناقشة الإجراءات التي يتم اتخاذها للحد من آثار تغيرات المناخ المختلفة، بعد أن شعرت الدول بأن ثرواتها واقتصادها يتأثران سلبًا، بدأ الاهتمام بالصحة النفسية للمواطنين، والذي يؤثر على إنتاجيتهم في العمل، ما يؤثر بدوره على اقتصاد الدولة.

لا تؤثر الحرائق التي تلتهم الغابات والحقول، والتي هي بمثابة رئة كوكب الأرض، وغيرها من الكوارث التي تلتهم مدن بأكملها مثل الفيضانات والسيول وظاهرة الاحتباس الحراري على الثروات الطبيعية للبلدان فحسب، بل وعلى الإنسان ككيان وصحة نفسية، ففقدان محل العمل والإقامة، وفي بعض الأحيان الأشخاص المقربون، يؤثر بالتأكيد على الصحة النفسية وعلى سلوكيات البشر، ويدفعهم لاتخاذ منحنى مغاير لطبيعتهم، كالعنف والغضب والإدمان، وفي الحالات المتقدمة يتجهون إلى الجريمة كأسلوب مضمون للحصول على الأموال، مع إحساسهم بعجز الدولة في توفير ما يليق بهم كبشر لهم نفس حقوق الفئات الأعلى.

يقودنا هذا التحليل الي مناقشة البنية التحتية والخدمات الأساسية التي توفرها الدولة للمواطنين في الحالات العادية والحالات الحرجة وأثناء الكوارث الطبيعية، التي أصبحت متزايدة بسبب التغيرات المناخية التي نعيشها ونشعر بآثارها، والسؤال: هل الدول مستعدة لمواجهة مثل هذه الكوارث؟ وهل يلقى المواطنون سواء نفس المعاملة؟ وهل هناك استعداد من دول العالم الأول لمساعدة الدول الفقيرة ودول العالم الثالث في مواجهة الآثار المحتملة للتغيرات المناخية؟!

أدى تخلص بعض الدول النامية من الأشجار، وقطع البعض الآخر لأشجار الغابات لاستخدامها تجاريًا وصناعيًا إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، التي أثرت على فصول السنة الأربعة، فزادت فترات الإحساس بالحرارة أو عدم اعتدال الطقس كما هو معتاد بشكل كبير، ما أثر على الصحة النفسية للبشر، ومعاناتهم من اعتلالات نفسية مثل اضطراب الوجدان الموسمي، وهو اكتئاب أو خوف أو هوس، تتمثل أعراضه في فقد النشاط الطبيعي نهارًا، وعدم الرغبة في العمل أو الإنتاج، واضطرابات النوم، وفي بعض الحالات المتقدمة عدم الرغبة في الحياة بسبب الخوف من المستقبل، نتيجة الكوارث الطبيعية التي من الممكن أن تحدث في أي وقت ومن دون سابق إنذار.

ويعد ما يحدث من معظم الدول المتقدمة التي تسعى جاهدة لمواجهة الآثار المحتملة للتغيرات المناخية وتلوث هوائها بالاعتماد على الدول النامية والفقيرة، وحظر بعض الصناعات الخطرة والملوثة للبيئة، ونقل بعضها كصناعات الحديد والأسمنت إلى الدول النامية، ما هو إلا استغلال غير إنساني وغير مراعي لآدمية البشر في تلك الدول، بالإضافة إلى المكاسب السياسية الشخصية التي يحققها قادة هذه الدول النامية على حساب مواطنيهم  دافعي الضرائب، الممول الأساسي لميزانيات ودخول هذه الدول.

ويبقى أن نقول أنه ينبغي على المنظمات الدولية المعنية والأممية أن تتأكد من خروج قرارات قمم المناخ في صالح جميع المواطنين في كل دول العالم على حد سواء، ليس ضد مصلحة المواطنين في الدول النامية، كما يحدث الآن على أرض الواقع.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة