رحمة سامي
أدى مقتل الطالبة الجامعية نيرة أشرف ظهر الإثنين 20 يونيو/ حزيران الجاري، عن طريق نحر رقبتها بعد طعنتين نافذتين في صدرها على يد زميل كان يطاردها منذ سنوات لتقبل الارتباط به، في فزع النساء بمختلف أعمارهم وفئاتهم في مصر.
السبب في هذا الفزع ليس فقط في بشاعة الجريمة وإنما في المبررات المختلفة التي أغرقت السوشيال ميديا من رجال ونساء ورجال دين وحتى إدارة الجامعة للجريمة والتي أجمعت بأن الضحية المقتولة هي السبب أكيد.
إذا كنت ست تعيش في مصر فعليكٍ أن تتيقن من أن العدالة لا تأخذ مجراها إذا كنتٍ الضحية، فعلى الرغم من اتخاذ الطالبة نيرة أشرف وأسرتها مسارات قضائية من خلال تحرير ثلاثة محاضر بعدم التعرض ضد الطالب محمد عادل "القاتل"إلا أن تلك المحاضر جميعها لم تنفذ، ولم تنقذها من هذا المصير.بحسب تصريحات صحافية لوالد الضحية.
وبالرغم من أن جريمة قتل نيرة واحدة من أكثر الجرائم عنفًا في كل تفاصيلها، إلا أنها ليست الحادثة الأولى التي تتعرض فيها فتاة مصرية من القتل والاعتداء والابتزاز من رجال تعرضوا للرفض.
في مطلع العام الجاري تعرضت فتاة لم تكمل السادسة عشر من عمرها بإحدى محافظات الصعيد للابتزاز من قبل شاب لم يكمل الثامنة عشر عن طريق اختراق الأكونتات الشخصية لها على السوشيال ميديا ومراسلة كل من يعرفها بصور شخصية وأحاديث جنسية على لسانها من خلاله.
بعد محاولات عدة للتواصل مع أسرة الشاب حيث أن الأسرتين من نفس البلدة لم يتوقف الشاب عن ابتزاز الفتاة وأسرتها بل أنه قام بإرسال صورها لكل شخص يعرفها في البلدة، ليتضح بعد ذلك أن الهدف الوحيدة من كل هذه الجرائم من أساء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والتهديد والابتزاز والتشهير بفتاة قاصر، هو أن تقبل الارتباط به بعد رفضها له مرات عدة.
حاولت الفتاة الانتحار مرات عدة نتيجة ما تعرضت لها إلا أن الأمر انتهاء بإيداعها في مصحة نفسية لتلقي العلاج اللازم بعد تحرير محضر للشاب والتنازل مع عدم التعرض.
تدفع الكثير من النساء حياتهن وأمانهن، نتاج ثقافي يرب فيه الرجال على عدم تقبل الرفض، وأن الرجل ليس عليه إلا أن "يجلس على البساط ويختار ست البنات" بحسب الموروث الشعبي.
وبالتالي كان من الطبيعي أن تتجاوز نتائج العنف القائم على النوع ضد النساء في مصر لعام 2021، 813 جريمة عنف موجه ضد النساء والفتيات بين "قتل وشروع في قتل، وأغتصاب وشروع في أغتصاب، وتشويه بمياه نار، وتحرش جنسي، وتهديد إلخ"بحسب مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة.
المأساة الحقيقة دائمًا في حوادث العنف الموجه ضد النساء هو ردود فعل الرأي العام وخطاب لوم الضحية وتسخيف معاناة الضحايا! التعليقات على أحداث الاغتصاب والتحرش معظمها تكذب الناجيات أو تقلل من معاناتهن، بل تصل إلى معاداة الناجيات، فنجد شيوخًا مثل مبروك عطية أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، الشيخ الأكثر حضورًا على منصات المشاهدة التلفزيونية والاجتماعية في مصر ينصح الزوجة بالصبر على ما تعرضت له من عنف.يخرج في بث مباشر يلوم الفتيات على ملابسهن ويبرر ذبحهن في الشوارع عملاً بمبدأ الحلوى المكشوفة، دون مراعاة لفاجعة الحادث ولا مشاعر أهل الضحية.
ولا يُتخذ موقف حقيقي رغم نقاشات الفتيات على منصات التواصل الاجتماعي، ويسبقها نقاشات المنظمات الحقوقية المعنية بالقضايا النسوية حول قانون موحد ضد العنف ضد المرأة .
وأخيرًا نحتاج إلى تشريعات قوية وتطبيق قوي للمواد المتاحة، لأن في الأغلب لا يتم تطبيق القانون ويزيد الضغط على الفتيات وأسرتها في مثل هذه الحالات، بمجرد التأكد من صحة الواقعة لابد من اتخاذ الإجراءات من دون مساومات.