الأقصى.. الذي باركنا حوله 

معاذ الشرقاوي 

لا شك في أن القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسية على الأجندة السياسية العالمية في القرنين الماضي والحالي، فمنذ بدايتها منتصف القرن العشرين وحتى الآن وهي تطل برأسها كل حين لتؤكد تأكيداً قطعياً خراب الضمير الإنساني وعنصرية المواطن الغربي وهمجية وإرهاب المواطن الإسرائيلي الدخيل .

إن هناك إيمان قطعي بأن منطقة إيلياء القديمة المعروفة الآن ببيت المقدس هي أرض مقدسة قدسية سماوية، ولها تأكيدات أرضية واقعية بأنها تحتوي على أهم المقدسات الدينية للديانات السماوية الثلاث، ففيها المسجد الأقصى ذلك المكان المبارك الذي بنته الملائكة كثاني مسجد يعبد فيه الله الحي الصمد في الأرض بعد الكعبة المشرفة؛ ونقصد بمسجد هنا مكان السجود وليس الجامع حصراً بالأدبيات الإسلامية، فإن أطلقنا الفكر قديماً لنجد أن الديانات السماوية كلها جاءت من ينبوع واحد مكملة لبعضها البعد ومعقبة كلاً لسابقتها .

أكرم الله بني إسرائيل مع نبيهم يوشع بن نون بدخول إلياء والسيطرة عليها وقامت لهم حضارة على أرضها بدولة نبي الله سليمان، لكن دارت الأيام والسنون ودار معها الإبتلاء الذي هو أساس هذه الأمر وجاء لبني إسرائيل كما جاء بالقرآن أكثر من نبي يجدد لهم شريعة موسى ويزكي أنفسهم ويصفي أرواحهم، آخرهم كان عيسى عليه السلام، وكان تعامل اليهود مع أنبيائهم واحد فقد عرفهم القرآن بأنهم قتلوا أنبيائهم، فقد طغت المادية عليهم حتى أنهم كفروا بآيات الله الواحدة تلو الأخرى ووصل بهم الجحود بأن تكبروا على الله تعالى .

شاء مقدر القدر أن يستبدل بني اسرائيل بقوم آخرين يحملون رسالته وينشرون دعوته ويعلون كلمته، فنزل الإسلام على نبي عربي كريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن البديهي إن كان هناك ذرة إعتقاد أن يؤمن به بني إسرائيل فهم أولى الناس به فقد وجدوا خبره بالتوراة والإنجيل وبشر به كل أنبيائهم، لكن بدأ التحدي بينهم وبين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من أرض الحجاز ودارت الجولات بينهم وبين المسلمين في كل الأزمنة بعد ذلك حتى وصلنا إلى ذلك الوقت.

مما عرضنا له في عجالة نستطيع أن نؤكد أن قضية بيت المقدس وفلسطين ليست بالقضية السياسية أو الوطنية أو حتى بالقضية القومية؛ لكنها قضية عقائدية، نعم الكل بما فيهم اليهود يعلمون أنها أرض الميعاد، ومن هنا دار السجال والتحدي بين اليهود والمسلمين حول أحقيتهم بذلك المكان المبارك، ويسفسطون بروايات واهية خدعوا بها عقولاً خربة بأنهم الأحق بها بالحق التاريخي والأقدمية .

سيطر المسلمون على تلك الأرض سنة 19هـ/ 639م في فترة حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومن ذلك التاريخ وهي تحت يد الحكم العربي، اللهم إلا مائتي عام من 1100م وحتى 1192م حيث الحملات الصليبية تسيطر وتتحكم في الشرق الإسلامي في وقت ضعف للدول الحاكمة فيه، واستطاع اليهود خلال تلك الأزمنة أن يخلقوا التوترات والخلافات حول تلك المنطقة، حتى أنه يقال أنهم هم من أوعزوا إلى حاكم الدولة الأموية الوليد بن عبدالملك أن يبني مسجد قبة الصخرة، حتى يبعدوا العقل العربي والإسلامي شيئا فشيئا عن المسجد الأقصى القديم، فيخرج لنا مفكراً من مفكرينا مرضى الضمير وعبيد الشهرة والظهور، ليقول أن لنا مسجد بناه الوليد ولليهود الأقصى وهذا هو العدل .

لا ينفك اليهود في القيام بأعمال استفزازية للشعور العربي والإسلامي عموماً وخاصة في شهر رمضان من كل عام، ذلك الشهر الفضيل؛ فيقوموا بالهجوم على الأقصى ومطاردة رواده الآمنين السلميين، رغبة منهم في توصيل شعور تمييع الأمر لدى المتلقي الذي إعتاد مثل تلك الممارسات الهمجية من شعب عنصري همجي مدلل من النظام العالمي الغير عادل .

لكن الإيمان الراسخ والاعتقاد المتين لمن بارك الله فيهم وجعلهم في أكناف بيت المقدس يقابل الهمجية اليهودية والعنصرية العالمية بثبات وصبر موقن أن يدافع عن قضية الله هو من يحميها، فهو مؤمن ومعتقد أن هذه هي قضية آخر الزمان، وكذلك مؤمن أنه في الأرض المباركة التي شرفها الله لتكون مسرى حبيبه صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماء ، سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، فهو موقن أنه هو من بارك الله فيه، ذلك الإيمان هو ما يقود للثبات وللنصر بعون الله ، ويسألونك متى هو؛ قل عسى أن يكون قريبا، فيحدثوا بثباتهم هذا خيبات متتالية لليهود و دولتهم العنصرية وللعالم المادي الوحشي اللاإنساني الذي يقف ورائهم .

   انتهى …

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة