مصر الإفريقية.. وإفريقيا المصرية

إسلام جمال

دائماً ما يتحدث الجميع عن مصر العربية ودورها تجاه العرب وقضاياهم، خاصة القضية الفلسطينية التي طالما دافعت مصر عنها، ووقفت فى سبيل حقوق الشعب المحتل، فيما
يتغافل الكثيرون عن مصر الأفريقية، ودورها الإقليمي الدائم تجاة القارة السمراء، وجيرانها “السمر الشداد”.

تعتبر أفريقيا حديقة مصر الخلفية، فإذا استقرت الحديقة استقر المنزل، وإذا تزعزت تزعزع استقراره، حيث تمتد جذور العلاقة إلى أعماق التاريخ، منذ عهود المصريين القدماء، وامتداد النفوذ المصري داخل أعماق وأطراف أفريقيا، مروراً بحقبة الخمسينيات والستينيات.

وساندت مصر كافة ثورات التحرر الوطني لدول أفريقيا، وساعدت الشعوب الأفريقية فى القضاء على الاستعمار الذي سرق ونهب كافة خيارات دول القارة، كما لعبت دورا بارزا في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، لتجمع دول أفريقيا تحت مظلة واحدة، يجمعها مصير واحد، وتتشارك المستقبل نفسه، فكلنا أبناء “النيل” شريان الحياة، الذى يتدفق على اثني عشرة دولة، يرتوون من مجرى مائي واحد.

كما لعب الأزهر الشريف دورا محوريا فى تنوير أفريقيا، حتى أطلق عليه البعض “سيربون أفريقيا”، حيق تحول إلى منارة للعلم وشريان للمعرفة لأبناء القارة السمراء.

وإذا أبحرنا إلى مجال الرياضة، خاصة ونحن على أعتاب كأس الأمم الأفريقية، الملتقى الكروي الأفريقي الذي يقام كل عامين، ستجد دورا عظيما لأبناء مصر – ونادي الزمالك- في نشأة الاتحاد الأفريقي عام 1956، وتحديدًا يومي 7 و 8 من شهر يونيو، عندما اجتمع الأساطير كابتن محمد لطيف، وكابتن يوسف محمد – الذي وضع كل قوانين ولوائح الاتحاد الأفريقي- ومعهم المهندس عبد العزيز سالم، والسوداني عبد الحميد عبد العلي، والجنوب أفريقي من أصل بريطاني “فريد فيل”، وفكروا في بطولة تجمع البلاد الأفريقية، يتنافسوا فيها على كأس واحد. وانطلقت أول نسخة لبطولة أمم أفريقيا بالسودان فى 10 فبراير عام 1957، وكانت تحمل اسم المهندس عبد العزيز سالم، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، وأول رئيس للاتحاد الأفريقي.

لا يستطيع أحد إنكار أن الخلل الذي حدث في علاقتنا بجيراننا الأفارقة في الآربعين عام الأخيرة كان سببه التقصير من الجانب المصري، نظرًا لسياسات المخلوع مبارك، واتجاهه إلى توطيد العلاقات مع دول بعيدة عنا جغرافيًا وتاريخيًا،
متناسيًا دور مصر وأهميتها الإقليمية لقارتها السمراء.

وقبل أيام من انطلاق كأس الأمم الأفريقية، يهاجم نجم وأسطورة الكرة الكاميرونية “روجيه ميلا” مصر والمغرب، في حوار أجراه مع قناة فرنسية، ويتهمهم بشكل مباشر بمساندة الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لمحاولة عرقلة تنظيم البطولة المقبلة، ويضيف: “إذا لم يكونوا أفارقة دعهم يرحلون عن القارة ويلعبوا في أوروبا أو آسيا، لكن لا يجب أن يأتوا ليحدثوا فوضى في القارة الأفريقية”.

اتفقت أو اختلفت مع ما قاله النجم الكاميروني، إلا أن تصريحه يطرح عدة تساؤلات، فأين علاقتنا بأفريقيا الآن؟ وكيف وصلت إلى ذلك؟!

ومهما كثرت علامات الاستفهام والتعجب، تبقى الحقيقة، وهي أنه مهما مرت الأزمنة، وتعاقبت الأنظمة، ستظل مصر روح وقلب وعقل أفريقيا الحر النابض.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة