تطور علاقة المصريين بالصحة النفسية

سلمى عقل

كثير من الناس لا يعتبرون أن المشكلة النفسية كالمشكلة العضوية تحتاج علاج، بل في كثير من الأحيان يخفون أمراضهم النفسية نظرًا لأن العلاج النفسي في مصر حظى على سمعة سيئة من قديم الأزل بفعل عوامل كثيرة من أبرزها الأفلام والمسلسلات وغيرها.

 لذلك يضطر الكثيرون الذهاب للمعالج النفسي في سرية تامة خوفًا من أن يُصنّفوا كمجانين أو غير أسوياء، على نقيض ما حدث مؤخرًا من تطور في الوعي بحيث أصبح الحديث عن العلاج النفسي أمرًا مقبولاً ومعروفًا.

ومن واقع تجربتي في طريق العلاج النفسي أرى أن الفترة الأخيرة قد اختلفت الصورة المعروفة عن العلاج النفسي بسبب تقدم العلم ودور التواصل الاجتماعي الذي عرض شخصية المعالج النفسي بشكل مقبول. 

خاصة وأني من الذين بدأوا  العلاج النفسي من سن السابعة عشر بسبب ضغوط التعليم في الثانوية العامة و الشكل النمطي المعروف بضرورة  الحصول على مجموع عالي، وبالتالي كنت فاقدة الثقة في ذاتي.

وبعد سنوات كثيرة أدركت أنه لابد أن يدرك الآباء والأمهات أن المشاكل التي يمر بها الأطفال من المقارنات والإجبار على التفوق تؤثر عليهم في الكبر ويبذلون كثيرا من الجهد للعمل على التخلص من تلك المشاكل النفسية. الطفل لا يجب أن يكون الأول أو الأذكى في الفصل، يجب التعامل مع  الأطفال بقدرتهم وليست بأمانيكم. 

إلا أن هناك معضلة أخرى وهي مع تحسن سمعة الطب النفسي في مصر أصبح ليس في متناول الجميع، فعلى الجانب الآخر لا يمكن تجنب أسعار العلاج النفسي في مصر والتعامل معه على أنه رفاهية وليس شيء أساسي. قد تتراوح أسعار الجلسة من 200 : 800 جنيه مصري، فبالتالي أصبح العلاج النفسي ليس في متناول الجميع. 

خاصة أن المصريين يعانون من مشاكل اقتصادية واجتماعية أدت مرور الجميع بانفعالات عصبية وأصبحت سمة أساسية في المجتمع المصري. وفقًا لبيانات البنك الدولي 2020، دفعت جائحة كورونا ما بين 88 و 115 مليون شخص إلى براثن الفقر.

على الرغم من انتشار الإعلانات والتعليقات على التواصل الاجتماعي التي تروج للعلاج النفسي المجاني أو بأسعار رمزية في المستشفيات الحكومية، إلا أن تجارب البعض أكدت أنه لا يمكن الاعتماد عليها لأنه عندما تتحدث مع الطبيب يصف لك فورًا روشتة أدوية في خلال دقائق لأنه يعطي الأولية لعيادته الخاصة التي يعتمد عليها كمصدر دخل رئيسي له ، ولا يهتم بمعرفة المريض بشكل حقيقي، لذلك فهي تجارب لا يعول عليها

لست على بيّنة بطبيعة المؤهلات والمعايير العلمية التي يجب أن يتمتع بها المعالج النفسي في مصر، لكنني أعلم جيداً أن هناك في الدول المتقدمة مؤهلات ومعايير صارمة لمن يتولى العلاج النفسي، في مصر يتم استغلال أوجاع المصريين النفسية من خلال تقديم النصح أو المشورة بمقابل مادي مرتفع دون أن يكون مؤهلاً علميًا لهذا الدور.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة