المغرب بصحرائه و الصحراء بمغربها

العيون عيني و الساقية الحمرا لي
و الواد وادي يا سيدي و الواد وادي

نشأت وأبناء جيلي، جيل الثمانينات، على أغنية العيون عيني لمجموعة“ جيل جيلالة ”المغربية، بعيد استرجاع المغرب لصحرائه سنة 1975. فكان من الطبيعي أن استهل مقالي عن الصحراء المغربية بأول مقطع منها. وقبل أن أتحدث عن قضية الصحراء المغربية في الآونة الأخيرة، لابد أن أسرد تاريخ استعمارها ثم سنوات النضال لتحريرها وهو ما سيشرح بشكل كبير تمسكنا الشديد بها اليوم.

بعد حصول المغرب على استقلاله من فرنسا، ظلت القوات الإسبانية مستقرة في الصحراء وانطلق الصراع على استرجاعها منذ ستينات القرن الماضي، حين طالب المغرب باستعادتها بعد رفض السلطات الإسبانية تسليم إقليم الصحراء حتى بعد تخليها عن إقليم طرفاية سنة 1958 وإقليم سيدي إفني سنة 1969. وقد رد المغرب على هذه الخطوة بالرفض القاطع متوجها في سبتمبر 1974 إلى محكمة العدل الدولية لطلب إصدار رأي استشاري حول الصحراء.

وفي أكتوبر 1975، أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري حول الصحراء معتبرة بأن لها مالك قبل استعمارها من إسبانيا، ووجود روابط قانونية وولاء وبيعة، بين سلاطين المغرب والقبائل التي تقيم بها.

ولم يتوقف التحرك المغربي عند هذا الحد، بل شمل الجانب العربي والإفريقي، فكان من نتائجه، الطلب الذي وجهته المملكة العربية السعودية إلى إسبانيا في أكتوبر 1974، بإسم كافة الدول العربية على التعجيل بحل قضية الصحراء المغربية، وكذا تصريح السكرتير العام لمنظمة الوحدة الإفريقية في مارس 1975، والذي أكد على مساندة المنظمة للمغرب بجميع الوسائل من أجل تحرير أراضيه المغتصبة. وبعد اعتراف محكمة العدل الدولية بالحقوق التاريخية للمغرب في صحرائه، أعلن الملك الحسن الثاني عن تنظيم مسيرة سلمية خضراء، تنطلق في السادس من نوفمبر لسنة 1975، نحو الصحراء بمشاركة 350 ألف مواطن، وهو حدث فرض على الحكومة الإسبانية إعادة ترتيب أوراقها والقبول بالتفاوض مع المغرب في قمة ثلاثية بمدريد جمعت المغرب وإسبانيا وموريتانيا توجت بإجلاء القوات الإسبانية من الصحراء المغربية في فبراير من سنة 1976.

وفي هذا الوقت برزت أطماع الجارة الشرقية الجزائر في التوسع على حساب الصحراء وسعت لإنشاء“ البوليساريو ”واستبقت خروج قوات الاحتلال الإسباني من الصحراء في الثامن والعشرين من فبراير 1976، لتعلن في 27 فبراير عن قيام“ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”. وقد كان رد المغرب الرسمي على هذا الإعلان واضحا وجليا فقد عزم العقد على الدفاع بكل وسيلة ممكنة عن وحدة المملكة.


أما عن التطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية اليوم، فتتجلى في عدة نقاط أبرزها: دور القوات المسلحة الملكية في 13 نوفمبر 2020، لتأمين حرية تنقل الأشخاص والبضائع، معبر الكركرات، بين المغرب وموريتانيا. وهو الإجراء الذي يعتبر حدا للاستفزازات والاعتداءات، التي سبق للمغرب أن أثار انتباه المجتمع الدولي لخطورتها، على أمن واستقرار المنطقة، إضافة إلى ذلك فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه.

كما أن افتتاح أكثر من 24 دولة، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، يؤكد الدعم الواسع، الذي يحظى به الموقف المغربي، لا سيما في محيطنا العربي والإفريقي.

وهو أحسن جواب، قانوني ودبلوماسي، على الذين يدعون بأن الاعتراف بمغربية الصحراء، ليس صريحا أو ملموسا، وقد أكد الملك محمد السادس في خطابه الأخير في السادس من نوفمبر بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء على أن المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات. وإنما نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي، لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.

ودعا العاهل المغربي مرة أخرى إلى توجه العملية السياسية نحو الحل النهائي المبني على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. مؤكدا أن المجالس المنتخبة، بأقاليم وجهات الصحراء، بطريقة ديمقراطية، وبكل حرية ومسؤولية، هي الممثل الشرعي الحقيقي لسكان المنطقة.

وفي خاتمة هذا المقال يروق لي أن أذكر رأي الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي والذي أدان سياسة النظام الجزائري تجاه ملف الصحراء المغربية، معتبرها استنزاف لطاقة الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي وارتهان لمستقبل أجيال متتالية للصحراويين و حكما بالإعدام على الاتحاد المغاربي الذي هو ضرورة قصوى لتقدم شعوب المنطقة.

حفظ الله شعوب العالم العربي وحفظ صحرائنا في مغربها. صحراؤنا التي سندافع عن مغربيته حتى آخر حبة رمل فيها وآخر نفس فينا.

فاطة الزهراء الإدريسي – المغرب

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة