رسالة من متطرفة دينيًا "سابقة"

تمرُّ الدقائق كالأعوام عندما نعيشها في رعب كالذي أعيشهُ الآن؛ لأنني تم تهديدي بالقتل! 

لا أعرف الأسباب، لكنني كنت جالسة في صالةِ المنزل وفجأة رن هاتفي، ركضتُ لأرد حتى سمعتُ صوت فتاة شابة تقول بأنها أوشكت الوصول لمنزلي وقتلي في مكاني! في تلك اللحظة اشتعلَ عقلي نارًا غير مدركة لِما يجدر بي فعله في ثوانٍ قليلة قبل وصولها،

وفجأة..

ظهرَت أمامي راكضة في إتجاهي؛ فعلمتُ أن روحي صاعدة لا محالة - لكن عندما رأتني ظلت تصرخ بصوتٍ عالٍ ومرعب إلى الحد الذي يجعله يقفز داخل أذني بعد مرور فترة من انقطاعه. 

قالت في سماعةِ الهاتف: "سأقتلكِ لأنكِ قتلتي الإله، لأنكِ تريدينَ نشر الفساد في الأرض!" 

ولم أفهم كيف قتلتُ الرب فذلك أكبر مستحيل! 

إنكتمت أنفاسي من شدة رعب المشهد وكانت عيناي متسعةَ الحدقتين من رعبِ التهديد مع صراخها الخارج من قاع الجحيم

مع ضياع فهمِ أي شيء! 

وفجأة.. 

وجدتُ عيناي بنفسِ الإتساع لكن الأمر مختلفًا هذه المرة؛ لأنني وحدي والغرفة مظلمة وكل ذلك كان ليس حقيقيًا!

سيطر الهلع عليّ من هولِ الموقف، لكن ما أن مرَّ وقت وهدأت حتى بدأت في إدراكِ المغزى من كل شيء. 

تطرفي الذي عشتُ فيه منذ أشهر كانَ يقضي على كل جميل أمامَ عيني، يصورُ لي الإجرام أنه الجميل الوحيد، الحق المطلق. 

نعم .. كنتُ متطرفة دينيًا وكنتُ أفكر في الإجرامِ أغلبية الوقت، لايشترط أن يكون الإجرام هو عمليات إرهابية فقط.

فمحاولات إفساد مايحارب الآخرون لتحقيقه/الحصول عليه بخصوص قضايا إنسانية ضرورية هو إجرام.

الترويج لأفكار مهينة متعلقة بأجسادنا لينتج عنها ازدياد تحقيرنا - وبالتالي ازديادِ العنف - هو إجرام.

تعمُّدِ ممارسة العنصرية والتحقير وإهانة كل إنسان من أي فئة (غير الفئة الوحيدة التي هي في عيني المختارة من الله)هو إجرام

كم من فكرة عنصرية عصفت بعقلي تشعره باللذة الشديدة بسبب أنني رأيتُ فيها نصرةَ ديني؟ 

ذلك لأن المخرّبين من الشيوخ المتطرفين وعامة الناس قد استطاعوا جعلي أثبت قدمي على جبل من المعتقدات حينذاك

إستشعرتها صلبة، صائبة، هي الحق الذي أوصانا بهِ الإله - لكنهُ جبل من القش. بدأتُ في إدراكِ ذلك بعد مرور شهرين من التطرف والحقارة.

كانَ كلامهم يبدو مقنِعًا إلى حدٍ كبير ولذلك تم غسل دماغي للأسف. 

الخير لا يمكن أن يكون بإقصاء وتحطيم فئات مجتمعية. 

الخير لن يحثنا على الوقوف ضد حقوقنا وخلقِ الإرهاب النفسي والتعنيف النفسي والبدني للآخرين. 

علمتُ أنها تقصد بقتلِ الإله تشويه صورته، تحويله إلى وحش مجرم يتلذذ بالتعذيب، أو بالإيذاء.

والإنطلاق في الحياة على هذا الأساس.

كان عقلي مغسولًا إلى الحد الذي يجعلني أتمسك بأفكارهم الشيطانية وأغض النظر عن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي فيهما الإلَه يجرم أفكارهم! 

نعم .. الجنون قد يصلُ بك إلى تهميش النصوص الدينية الواضحة، الخيِّرة والتمسك بأفكار إجرامية بشرية.

إتضحَ لي أن الشابة التي أرادت قتلي هي أنا الحقيقية

تريد إبادة نسختي المسخ، المجرمة كي لا أكن يدٌ في مساعدة الأفكار الإجرامية والإفسادِ في الأرض أكثر وأكثر.

وصراخها عندما رأتني كان بسبب شدة سوء ماكنتُ عليه؛ كانت واقفة أمام مجرمة حاملة لأفكار شيطانية! 

ولما كانت حقارتي مشتدة إلى الحدِّ الذي يجعلني رافضة كل الرفض لأي رأي يحثني على أخذ هدنة وإعادة التفكر في معتقداتي 

فقام عقلي بإطلاقِ صفيرَ إنذارِه لتحذيري من الوقوع في الهاوية التي لا مخرجَ منها، فخلقَ ذلك السيناريو لإنقاذي.

وغدًا سأتحدث معك حولَ هذا العيب الذي من الممكن أن يؤدي لنتائج كارثية.

وقد عادت نفسي لي مجددًا..

ويَنصبُّ تفكيري الآن في محاولاتِ توسيع دائرة الأفكار/الأعمال التي أستطيع بها خدمة القضايا التي أؤمنُ بها منذ زمن.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة